قال خبراء إنه على الرغم من دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكامل للسعودية يبدو أن الولايات المتحدة تشير إلى رغبة في اتخاذ الرياض موقفاً أكثر حذراً في صراعها الإقليمي مع إيران.
وتتفق إدارة ترامب مع وجهة نظر السعودية التي تعتبر إيران خطراً إقليمياً وأيدت السعودية بعد أن شنت القوات المؤيدة لإيران في الأراضي اليمنية هجوماً صاروخياً فاشلاً أظهر قدرة على ضرب العاصمة السعودية.
وأقام ترامب علاقات أكثر دفئاً مع السعوديين بعد علاقة مشحونة مع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وقد جعل الرياض أول محطة له خلال أول جولة دولية له بالخارج، وتعهد بالقيام بعمل قوي لمواجهة إيران.ورغم ذلك فإن واشنطن التي لها قوات في سوريا والعراق تبدي موقفاً أكثر تساهلاً تجاه المواجهة في منطقة تعاني من الاضطرابات.
أميركا مازالت تعترف بالحريري
ودعت وزارة الخارجية الأميركية يوم الخميس إلى وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن دون عقبات بعد أن فرضت السعودية حصاراً على هذا البلد لوقف تدفق السلاح إلى المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
وبعد ذلك بيوم أوضح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إنه مازال يعترف بسعد الحريري رئيساً لوزراء لبنان بعد أن أعلن بشكل مفاجئ استقالته من الرياض في الرابع من تشرين الثاني.
وقال الحريري في إعلان قرار استقالته عبر التلفزيون إنه يخشى اغتياله واتهم إيران وحزب الله حليفها في لبنان بزرع الفتنة في العالم العربي وهو الأمر الذي دفع بلبنان إلى صدارة المنافسة بين السعودية وإيران.
وقال مسؤولان أميركيان إن السعوديين بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد “شجعوا” الحريري على ترك منصبه ويقول مسؤولون لبنانيون إنه محتجز في السعودية وهو اتهام تنفيه الرياض. ولم يدل الحريري بأي تصريح علني بشأن ما إذا كان حراً في التنقل مثلما يريد.
وقال البيت الأبيض في بيان إنه “يرفض أي دور لميليشيات في لبنان أو أي دور لقوات أجنبية تهدد استقرار لبنان.. أو تستخدم لبنان كقاعدة تهدد منها الآخرين في المنطقة.”
وعندما طُلب التعليق على ما إذا كانت الولايات المتحدة تحث على رد سعودي أكثر حذراً أحال كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية الإجابة إلى بيان صدر يوم السبت بشأن لبنان.
وقال بول سالم كبير نواب رئيس معهد الشرق الأوسط وهو معهد بحثي بواشنطن إن تيلرسون “لا يتفق مع الموقف السعودي في وصف الدولة اللبنانية بأنها رهينة لحزب الله”.
ونشرت مجلّة “نيويوركر” الأميركية تقريرًا للصحافية روبن رايت، تناولت فيه استقالة الرئيس سعد الحريري، والمقابلة الخاصّة التي أجرتها بولا يعقوبيان معه مساء الأحد.
وقالت رايت: “لا يزال الشرق الأوسط غارقًا في فيلم واقعي حول مصير الرئيس سعد الحريري الذي استقال فجأة، على قناة سعودية في 4 تشرين الثاني بعدما استدعي الى الرياض”. وأضافت: “الحريري أعرب عن خشيته من محاولة الإغتيال وانتقد حزب الله وإيران. وبعد ذلك، حافظ على صمته في المملكة. خلال 8 أيام تكاثرت نظريات المؤامرة، تعمّقت التوترات الإقليمية وزادت المخاوف من إندلاع حرب جديدة”.
وذكّرت رايت بالصفحة الأولى من صحيفة “الأخبار” التي نشرت عليها صورة الحريري وكُتب عليها “الرهينة”، مشدّدة على أنّ “إختفاء الحريري الغامض وحّد قادة لبنان، فالرئيس ميشال عون رفض إستقالة الحريري حتّى يقدّمها بنفسه، والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله قال في خطاب متلفز إنّ الإستقالة غير دستورية، لأنّها حصلت تحت الإكراه. وتحدث سياسيون عن شكوكهم حول تداعيات الإستقالة. حتّى أنّ الماراثون الذي أقيم في بيروت الأحد تحوّل الى سباق من أجل حريّة الحريري، كما أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدخّلت، وجاء في بيان للبيت الأبيض أنّ الحريري شريك موثوق به ودعا جميع الدول إلى احترام سيادة واستقلال لبنان، وتمّ تفسيره عل أنّه “لوم” للسعودية”.
وأتت استقالة الحريري ضمن إجراءات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والهادفة الى تعزيز قيادة المملكة في الشرق الأوسط، حسب الكاتبة التي تحدثت أيضًا عن الحكومة واستقبال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية.
وقالت مصادر ديبلوماسية رفيعة إن “الواقعية السياسية كلّفت الحريري منصبه. استدعي الى السعودية، ثمّ قدّم الإستقالة كالإملاء، اللغة منصوصة، منع من العودة الى بيروت، واتصالاته كانت محدودة”، ولفتت الكاتبة الى ما نقلته وكالة “رويترز” عن أنّه جرت مصادرة هاتفه، إلا أنّ بيان ترامب الذي صدر السبت حرّك الوضع، موضحةً أنّ “لبنان كان لعقود ساحة معركة بين مصالح المتنافسين في الشرق الأوسط”.
وعن المقابلة الخاصّة، تضيف الكاتبة أنّ الحريري اتصل بيعقوبيان من أجل المقابلة، وخلال إجرائها قال إنّه حر بمغادرة السعودية وإنّه سيعود الى بيروت خلال أيّام وأنه يرتب الإجراءات الأمنية أولاً، كما قال إنّ لديه عائلة وأنّ الملك سلمان بن عبدالعزيز يعتبره كابن له، وأنّ الأمير محمد بن سلمان يحترمه وأمن لبنان أساسي لهما، وقال إنّه أراد إحداث صدمة إيجابية عبر الإستقالة.
وتعلّق الصحافية هنا بالقول: “لغة الحريري كانت غامضة، غير واضحة، ويعقوبيان أوردت أدلّة مثيرة للإهتمام كالقول إنّ هزّة أرضية كبيرة وقعت في العراق، وذلك لكي تؤكّد أنّ المقابلة مباشرة. وسألت الحريري عن ساعته “آبل”، فأجاب الحريري أنّها موجودة. ولفتت الكاتبة الى أنّ الحريري حبس دموعه.
وبرأي الكاتبة، فالمقابلة لم تقدم شيئًا يذكر لتوضيح الغموض، كما أنّ بعض القنوات اللبنانية رفضت بثّ المقابلة بسبب الشكوك بأنّ الحريري تحت الضغط.