وكالة أنباء موريتانية مستقلة

قانون النوع… فاطمة ستصبح حرة

بفرحة شديدة تلقت فاطمة بنت عمر، ابنة السابعة عشرة من العمر وصديقاتها، خبر مناقشة البرلمان الموريتاني لقانون العنف ضد النوع، وحزمة القرارات التي اتخذت لتنصفها هي وقريناتها من قسوة المجتمع، وأحكامه.
فقد تصبح حُرَّة في اختيار شريك حياتها، وتصبح حرَّة في طريقتها في الحياة معه، تتزوَّج في الوقت الذي تختاره هي، لا في الوقت الذي يُفرَض عليها فيه الزواج.
ستعيش مع زوجها بمنتهى السعادة وتحبه وتخدمه دون ضرب أو إهانة أو انتقاص من قيمتها أو معاملتها كما تعامل الدواب. ستشارك في الحياة بمختلف جوانبها من دون موانع وقيود فرضها المجتمع عليها.
ستختار فاطمة حزبها بمنتهى الحرية، وستنتخب ممثّليها من دون إملاء من السيد، وسيُعاقب كل من يخطئ في حقها. نعم، فاطمة اليوم حرة، ولها حقوق، وهي جزء لا يتجزّأ من المجتمع، لا تقل عن أي أحد منه في شيء، حتى ولو كان شريك حياتها.
إنه قانون العنف ضد النوع، سمّه إن شئت، أو قانون مجلة الأحوال الشخصية كما تحب. المهم، أن المرأة الموريتانية من اليوم حرة والقوانين ستنصفها وتحررها من قيود المجتمع التقليدية، ومن أعرافه وأحكامه المهينة والقاسية.
لا حديث اليوم للشارع الموريتاني يعلو فوق الحديث عن مشروع القانون الجديد، تحت مسمى قانون العنف ضد النوع، وهو ما يُعرَف بقانون الأحوال الشخصية، أو مجلة الأحوال الشخصية.
وللمرة الأولى في تاريخ هذا البلد العربي، يتم مناقشة قوانين من هذا النوع، في مجتمع تقليدي ومحافظ، لا تزال الغالبية فيه من البدو الرحل، ولهم طباعهم ومفهومهم للحياة، وطريقتهم التي يعيشون بها وينظرون إلى المرأة من زاوية مختلفة وبطرق مختلفة.
الجديد في مشروع القانون هذا، أنه يمنح المرأة الموريتانية المظلومة حقاً مقارنة بنظيراتها العربية. يمنحها مجموعة من الحقوق الجديدة، ويسن قوانين جديدة لتحميها، كما يجرم القانون زواج القاصر، وهو من العادات التي يجمع عليها الموريتانيون، إذْ لا يُجيز القانون الزواج للفتاة دون سن الثامنة عشرة.
ومن أكثر مواد القانون إثارة للجدل:
– المادة 19: والتي تعاقب بالسجن سنة أو سنتين كل زوج يمنع أو يقيد شريكه عن ممارستها لحريتها العامة.
– المادة 13: والتي تعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنين وغرامة مالية تصل إلى نصف مليون أوقية، على كل زوج يعرض زوجته إلى ممارسات لا إنسانية، مثل الضرب والإهانة.
– والمادة الأكثر إثارة للجدل، والتي من المتوقع أن لا تمر مرور الكرام، هي المادة التاسعة، والتي بموجبها يتم إلغاء عقوبة الرجم بحق “الزاني” المتزوج أو “المحصّن”، كما ينص الشرع الإسلامي.
– المادة 21: والتي يعاقب فيها الولي في حالة تزويج فاقد أهلية الزواج، أي تزويح الفتاة القاصر.
ويتكون القانون الجديد من 74 مادة، وخمسة فصول.
ردود الأفعال الشعبية على مشروع القانون الجديد مُتباينة، بين الرفض والقبول، بين مرحب بالقانون يعتبره إنصافاً للمرأة الموريتانية، وبين مندد ومحتج ويرى فيه خروجاً عن التقاليد والأعراف. بل يتجاوز الأمر ذلك، إلى حد اعتبار القانون “خروجاً عن الشريعة الإسلامية” التي ينص الدستور على أنها المصدر الأول للتشريع، بحسب رأي بعض معارضي قانون النوع.
وزير العدل الموريتاني، إبراهيم ولد داداه، قال إن “مشروع القانون يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها موريتانيا في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل”.
هذا، وتشهد جلسات البرلمان الموريتاني نقاشاً للمشروع الجديد، والمصادقة عليه. نقاشات ساخنة تثيرُ جدلاً واسعاً بين نواب البرلمان الموريتاني، إذ تواجه بعض القوانين مُعارضة قويّةً من بعض نواب البرلمان. كما اعترض بعضهم على تسمية القانون بقانون النوع، معتبرين كلمة النوع، اعترافاً ضمنياً بالمثليين الجنسيين والمتحولين جنسياً.
من المتوقع أن يتم تمرير واحد من أكثر القوانين إثارة في تاريخ موريتانيا المعاصر، والمصادقة عليه خلال الجلسات المقبلة.(العربي الجديد)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي