لم تتسم سنة 2014 بالكثير من الهدوء والرتابة في موريتانيا، فقد حملت الكثير من التجاذبات جعلتها سنة ساخنة على المستوى السياسي و الاجتماعي.
فعلى المستوى السياسي شهدت السنة مشادات وتوترات ومعارك بين النظام والمعارضة حول الانتخابات الرئاسية التي نظمت يوم 21 حزيران/يونيو وقاطعتها المعارضة.
ورغم السجالات السياسية تمكن الرئيس محمد ولد عبد العزيز،رغم هذه المعارك و التوترات، والحملة التي شنت ضده، من الفوز برئاسة موريتانيا لعهدة ثانية من خمس سنوات، بحصوله على نسبة 81.89 في المائة.
وكان من نتائج الانتخابات الرئاسية هذه انسحاب مولاي ولد محمد الأغظف رئيس الوزراء السابق من المشهد السياسي وإفساح المجال لدخول يحي ولد حدامين مسرح الواجهة.
أما المعارضة فكانت السنة المنصرمة بالنسبة لها سنة معركة سياسية كبرى حول زعامة مؤسسة المعارضة بين المجلس الدستوري وحزب” تواصل”الذي تمكن في الأخير من الحصول على رئاسة المؤسسة رغم أن المعارضة لم تعترف بزعامة المعارضة لكونها منبثقة عن انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2013 النيابية التي قاطعتها المعارضة واعتبرت نتائجها غير شرعية .
ولم يحالف الحظ الحكومة الجديدة في مساعيها لاقامة حوار مع المعارضة التي شهدت خلال سنة 2014 ركودا شديدا في عملها السياسي مما عرضها لحملات انتقاد كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
كما شهدت السنة المنصرمة أيضا اختيار أحمد ولد داداه رئيسا دوريا لمنتدى المعارضة وإعلانه تركيز الفعل المعارض على مدن وقرى الداخل بدل حصره في العاصمة.
وشهد العام 2014 تقدم سلفيي موريتانيا بملف للاعتراف لهم بحزب سياسي.
وشهد العام ايضا صداما بين النظام وانصار جمعية المستقبل الخيرية بعد أغلاقها.
كما انطلقت تظاهرات تبعت حادثة كبرى شهدها العام المنصرم تمثلت في تمزيق نسخ من المصحف الشريف في مسجد بمقاطعة تيارت شمال العاصمة أنواكشوط.
وشهد عام 2014 التحاق شخصيات منتخبة بالموالاة من أبرزها المطربة الموريتانية المعلومة بنت الميداح.
كماكانت 2014 سنة هجمات إعلامية لاذعة للرئيس الأسبق أعل ولد محمد فال تجاه ابن عمه الرئيس الحالي حيث وصفه في العديد من المقابلات والبيانات بـ»الضابط المتمرد» داعيا للإطاحة بنظامه والدخول في مرحلة سماها«إعادة القطار الديمقراطي للسكة». وانشغل الموريتانيون خلال 2014 ولأسابيع، بفحوص أجراها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في فرنسا حيكت حولها عدة إشاعات حول تدهور صحته وعدم قدرته على إكمال مأموريته، كما انشغلوا، برصاصة طائشة أصابت ابنه الكبير بدر.
وانشغل الموريتانيون خلال السنة المنصرمة باستشراء الفساد داخل بعض إدارات الدولة بعد تداول تسجيل لأحد كبار الضباط يعلن فيه استيلاءه على الملايين.وعزز ذلك اكتشاف حالات اختلاس كبرى من خزينة الدولة في عدد من الولايات وكذا على مستوى شركة الكهرباء.
وكان عام 2014 سنة انفجار الاحتجاجات الاجتماعية على مستويات عدة فقد طالب سياسيون منحدرون من الأقلية الزنجية في مؤتمر، بإنفصال الجنوب الموريتاني، كما احتج حراطين موريتانيا (الأرقاء السابقون) على استمرار ممارسة الرق في موريتانيا، وهو ما أثار جدلا واسعا.كلل بنشاطات الحركة الإنعتاقية الغير مرخصة المعروفة ب«إيرا» التي نظمت احتجاجات ونشاطات ضد الرق بكافة أشكاله، مما دفع بقادتها للاعتقال والمحاكمة بسبب خرق القانون والقيام بنشاطات غير مرخصة.
كما زادت مجموعة الصناع التقليديين الموريتانيين المعروفة محليا ب «لمعلمين» مطالباتها خلال السنة المنصرمة بالاعتراف بكامل حقوقها ومنحها مكانتها المشرفة بين أطياف المجتمع.
وشهدت 2014 احتجاجات عمالية أمام الرئاسة للمطالبة بالحقوق، كما شهدت تنظيم أكبر مسيرة احتجاج راجلة للحراس انطلقت من الزويرات أقصى الشمال إلى العاصمة وتجمع منظموها لأكثر من شهر في ضواحي العاصمة أنواكشوط قبل أن تجبر الحكومة شركة الحراسة على الاستجابة لمطالبهم.
كما شهدت 2014 تحويل عطلة نهاية الأسبوع في موريتانيا من الخميس والجمعة إلى السبت والأحد مما أثار نقاشات واسعة.
أما على المستوى الديبلوماسي فقد كانت سنة 2014 سنة تقارب حذر بين موريتانيا والمغرب واستمرار تحسن العلاقات مع الجزائر، كما كانت سنة عتب من جبهة البوليساريو على موريتانيا التي يريدون منها موقفا أقرب وأكثر حزما.
اما فيما يخص العلاقات الاوربية الموريتانية فكانت سنة استمرار للتقارب مع فرنسا بالتوازي مع توتر مع الاتحاد الأوروبي بسبب الخلاف حول الجانب المالي في اتفاقية الصيد ووقوف البرلمان الأوروبي إلى جانب خطاب معتقلي “ايرا”.
وتميزت السنة المنصرمة بكونها سنة نشاط واسع للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي حيث تمكن من الوساطة في مالي وبوركينافاسو ومن حضور القمة الأفروـ أمريكية إلى جانب الرئيس أوباما والمشاركة في نشاطات دولية أخرى كقمة المناخ.