مركز كارنيغي:الاستقرار الحرج في موريتانيا

تبدو موريتانيا نقطة مضيئة نادرة، في خضمّ موجة من الاضطرابات الإقليمية. فقد نجت هذه الدولة المحشورة بين الجزء العربي من شمال أفريقيا وبين غرب أفريقيا السوداء، من عواصف التمرّد والتشدّد التي تراكمت حولها. وهذا ليس بالأمر الهيّن بالنسبة إلى بلدٍ فقير تفسده السياسة الهشّة والتحزّب العسكري والتوتّرات العرقية- والتشدّد المتنامي. في النتيجة، هذا الخليط من مواطن الضعف المتأصّلة أقحم مالي المجاورة في العام 2012 في أتون عاصفة من الاضطراب السياسي والتمرّد الانفصالي. ومع ذلك، لايعني نجاح موريتانيا أنها أصبحت خارج دائرة الخطر.
نسبةً إلى عدد سكانها، ليس ثمّة بلد آخر في منطقة الساحل والصحراء يُنتج من المنظّرين الجهاديين والعناصر الإرهابية رفيعة المستوى بقدر ماتُنتج موريتانيا. وقد طردت الحكومة عتاة المتشدّدين خارج البلاد، وغادرها طوعاً بعض من يدّعون أنهم جهاديون. غير أن البلاد لاتزال عرضةً إلى أن يزعزع الإرهاب استقرارها، حيث تمثّل العودة المحتملة للمقاتلين تهديداً خطيراً.
تشير التجربة إلى أن الإحباط والمشاعر القويّة المناهضة للنظام هما القاسمان المشتركان الأساسيان اللذان يدفعان إلى التطرّف السياسي والديني.
التوزيع غير العادل للثروة والفرص السياسية والموارد العامة بين الجماعات العرقية والإثنية، هو أيضاً أحد الأسباب الرئيسة لعدم الاستقرار.
تندرج موريتانيا في فئة الدول الهشّة التي تعتبر ضعيفة، لكنها راغبة في بناء قدراتها الوطنية. وعلى عكس القيادة في مالي، التي استسلمت للابتزاز الإرهابي وضغوط التأثيرات الإجرامية، واجه ولد عبد العزيز مثل هذه التحدّيات الأمنية. ولذا فإن مثل هذا التصميم من جانبه يستحق أن يحظى بدعم دولي. وتبقى المساعدات العسكرية والأمنية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضرورية لمساعدة موريتانيا في تأمين حدودها وتعزيز دفاعاتها في مواجهة المتشدّدين المسلحين الذين يجوبون منطقة الساحل والصحراء. ويتعيّن على شركاء موريتانيا الدوليين استثمار المزيد من الموارد لتدريب موظفي الحدود ومساعدة الحكومة الموريتانية في تطوير تجهيزاتها، فضلاً عن تحسين آليات التواصل وتبادل المعلومات بين وكالات إنفاذ القانون (بما في ذلك الشرطة والدرك والجمارك).58

مع ذلك، لايمكن أن تقتصر المساعدات على دعم الجهاز القسري للدولة. وسيكون من الأفضل للولايات المتحدة وشركائها الدوليين عدم الوقوع في فخّ تقديم الدعم غير المشروط لولد عبد العزيز. فقد قاوم رجل موريتانيا القوي بشجاعة الاضطرابات التي تسبّبت فيها الانتفاضات الشعبية العربية في العام 2011، وتمكّن من احتواء المعارضة السياسية لحكمه، وأضعف خطر التشدّد بصورة كبيرة. بيد أن قبضته على السلطة ليست آمنة كما قد تبدو. ويعتمد دعمه الشعبي والسياسي إلى حدّ كبير على توزيع موارد المحسوبية وغيرها من المعاملات الزبائنية.
المصدر:مركز كارنيغي بتصرف

Comments (0)
Add Comment