رغم المخاطر البنك الدولي يعتبر الاقتصاد العربي واعدا

توقع البنك الدولي تحسنا في متوسط النمو للمنطقة العربية الأسيوية ومنطقة شمال إفريقيا من 2.6 في المائة سنة 2013 إلى 4.6 في المائة للعام 2015.و اظهر تقرير البنك الدولي أن العام 2014 يبدو مدعاة للتفاؤل مع توقع انتعاش الاقتصاد العالمي، أما عام 2015 فيمكن أن يكون نقطة تحول لبلدان المنطقة حيث يمكن أن تبدأ الاستفادة من زيادة الطلب في البلدان مرتفعة الدخل.

و المتوقع أن تقود بلدان مجلس التعاون الخليجي سلم الانتعاش بنمو يصل 3.5 في المائة 2014 و 4.8 في المائة عام 2015. وتواصل حجم التحفيز من دول مجلس التعاون والتدفقات المالية على باقي بلدان المنطقة، لاسيما إلى مصر والأردن، و زيادة معدلات النمو الإقليمي مع استمرار الزيادة في رؤوس الأموال والإنفاق.

ويتوقع انتعاش النمو في البلدان المصدرة للنفط، في حين سيظل اقتصاد البلدان المستوردة له، مثل مصر وتونس ولبنان والأردن، هشاً إلا أنه قد يعاود النمو بقدر طفيف خلال نفس الفترة.

الرهان على الاستقرار السياسي

تقول نائبة رئيس البنك الدولي، إنغر أندرسن: إن “التقدم الإيجابي في المناخ السياسي بالبلدان التي تمر بمرحلة تحول قد يمهد الساحة أمام تحسن تدريجي في الآفاق الاقتصادية”.مضيفة أن “الاستمرار بتبني الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية سيساعد هذه البلدان ومنطقة شمال أفريقيا على التصدي للمشاكل التي حالت من قبل بينها وبين الانتقال إلى مسار النمو المستدام”.

وأكد رئيس الخبراء الاقتصاديين للمنطقة في البنك الدولي، شانتا ديفار اجان، أن ” التعافي الاقتصادي العالمي ما زال هشاً، بينما تبقى المخاطر قائمة، ومنها استمرار انخفاض معدلات التضخم في البلدان المرتفعة الدخل وتصاعد الصراع في أوكرانيا… والخطر الأكبر على الانتعاش الاقتصادي هو عدم حل المشاكل الهيكلية المزمنة”.

وحذر التقرير أنه في حين تشهد المنطقة انتعاشاً في معدلات النمو بفضل نمو الاقتصاد العالمي وانحسار التوترات السياسية في بعض البلدان التي تمر بمراحل تحول، تظل آفاق الانتعاش الاقتصادي الكامل غير أكيدة إذا تعثرت الإصلاحات.

وتعد أسواق العمل في هذه البلدان تقريباً مجزأة مع وجود تقسيم حاد بين من يحظون بالحماية وبين من يعانون الإقصاء.وتشير تقديرات البنك الدولي إلى ضرورة توفير 28 مليون وظيفة في المنطقة خلال السنوات السبع المقبلة للحيلولة دون ارتفاع معدلات البطالة.

في حين يبقى التفاوت في الدخل منخفضاً وتشهد معدلاته لدى فئة الأربعين بالمائة الأدنى ارتفاعاً، فيما تفاقمت أوضاع الضعفاء وأصبح قطاع كبير من السكان معرضاً للفقر عند حدوث تحولات سلبية.

ولم يتحقق التنوع الاقتصادي، حسب تقرير البنك الدولي، حيث ينعدم في المنطقة الاستثمار في رأس المال “غير المادي” الذي يشمل التعليم والابتكار والمؤسسات الكبرى التي تعزز المنافسة. ويستشري الفساد في كل بلدان المنطقة تقريباًوأصبح شائعاً لاسيما في التوظيف بالقطاع العام. ومع هذا يظل التفاؤل الحذر هو السمة البارزة في التقرير.

اتجاهات نموالاقتصاد العالمي

يخلص القرير إلى: انه مقارنة مع السنوات الثلاث السابقة، يمكن اعتبار عامي 2014 و2015 نقطة تحول وأمل بالنسبة لبلدان المنطقة.ومن المتوقع حدوث انتعاش في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع بحيث يتعزز النمو العالمي إلى 3.2 في المائة عام 2014، بزيادة ضئيلة قدرت ب 0.8 نقطة مئوية مقارنة مع عام 2013. ومن المتوقع أن يتحسن الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2015 إلى 3.4 في المائة.

فيما أشارت تقديرات البنك الدولي إلى أن النمو في الولايات المتحدة سيزيد بنسبة 1 نقطة مئوية ليصل إلى 2.8 في المائة في عام 2014 و2.9 في المائة في عام 2015؛ وفي منطقة اليورو إلى 1.1 في المائة و 1.4 في المائة في عام 2014 و 2015 على التوالي، مقارنة مع نمو سلبي قدر ب 0.4 في المائة في عام 2013.ومنالمنتظر تحقيق انتعاش النمو في منطقة اليورو إلى حد كبير بسبب تطور الصادرات.

وضع الدول العربية الأسيوية

و يتوقع في هذه الدول زيادة الصادرات من الطاقة والمنتجات المصنعة في البلدان التي لديها روابط تجارية مع البلدان المرتفعة الدخل.وتعتبر منطقة اليورو (خاصة جنوب أوروبا )، والصين وإلى حد ما الولايات المتحدة، مفتاح نمو لمعظم بلدان المنطقة. إذ أن النمو في الصين ما يزال مرتفعاً بما فيه الكفاية للحفاظ على الطلب الثابت على الصادرات الهيدروكربونية من منطقة الشرق الأوسط.

و الراجح أن تشهد معظم البلدان المستوردة للنفط في المنطقة زيادة طفيفة في النمو السياحي والاستثمار الأجنبي المباشر والتحويلات المالية نتيجة الانتعاش في الاقتصاد العالمي، و لا تزال قضايا الأمن الداخلي تشكل تحدياً في هذا المجال.

وحسب تقديرات مجلس السفر والسياحة العالمي فأن عائدات السياحة ستزيد بنسبة 7 في المائة في المنطقة عام 2015.إلا أنه ورغم النمو العام إلا أن الانتعاش الاقتصادي العالمي لا يزال هشا وتحيط به عدة مخاطر سلبية، خصوصاً فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، الأمر الذي قد يضعف الطلب ويؤخر النمو المتسارع للانتعاش.

 

وسيكون معدل النمو في المنطقة العربية الأسيوية حوالي 3.3 في المائة في عام 2014 و4.6 في المائة في عام 2015.

ومن المتوقع أن يؤدي الانتعاش الاقتصادي الإقليمي إلى رفع النمو لنسبة 3.5 في المائة في عام 2014 و4.8 في المائة في عام 2015 في البلدان المصدرة للنفط في المنطقة ، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي .

كما يتوقع أن تحدث تحولات إيجابية في البلدان المصدرة للنفط بعد عامين من الانكماش الذي نتج عن الانخفاض في إنتاج النفط و التجارة في أعقاب تشديد العقوبات الدولية على إيران.و يقدر صندوق النقد الدولي أن معظم هذه البلدان بحاجة إلى أسعار النفط أعلى من 90 دولاراً للبرميل لموازنة ميزانياتها.

أما في حال السير بسيناريو سلبي تنخفض فيه أسعار النفط إلى ما دون 90 دولاراً، فإن ذلك يمكن أن يزيد الضغوط المالية وخاصة في البحرين وعمان.في حين ما تزال الاقتصادات المستوردة للنفط بما فيها مصر وتونس ولبنان والأردن تعاني من اقتصاد هش لكن من المتوقع حدوث انتعاش طفيف للنمو خلال هذه الفترة.في حين انه يمكن لتونس والمغرب الاستفادة من الانتعاش في منطقة اليورو.

إلا انه مع استمرار التوترات السياسية والاجتماعية ما يزال يشكل خطراً كبيراً، ارتفاع الديون وحساب العجز الجاري و المالي مما ترك هذه الاقتصادات عرضة للصدمات الاقتصادية الداخلية والخارجية.و من بين تلك البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية مصر، التي من المتوقع أن يصل النمو فيها إلى 2.7 في المائة في عام 2014، و3.8 في المائة في عام 2015.و يعتبر هذا الانتعاش، محفزا للاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمار في القطاع الخاص.

أما تونس حيث تم التوصل إلى توافق سياسي على الحكومة الانتقالية و الدستور مؤخرا، فسيتحسن النمو في عام 2014 و 2015 إلى 3 و 4.5 في المائة على التوالي.كما يتوقع أن ينتعش النمو في البلدان النامية المصدرة للنفط بما في ذلك إيران والعراق والجزائر وليبيا و اليمن,لكن سيظل أقل من مستويات ما قبل الربيع العربي.ويتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذه المجموعة من الدول 6.8 في المائة عام 2015، بدلا من 0.7 سلبية عام 2013.

 

المخاطر الكبرى

و يعتبر أكبر خطر على مستقبل الانتعاش الاقتصادي في المنطقة العربية المشاكل الهيكلية في الاقتصاد إن ظلت دون حل. إذ أن بلدان المنطقة تشترك في العديد من المشاكل الهيكلية التي تمنع اقتصادها من الانتقال إلى مسار نمو أعلى ومستديم.

فقد عانت دول المنطقة طويلا من ارتفاع معدلات البطالة بشكل خاص بين النساء، مما أدى إلى تباطؤ النمو وتراجع القدرة على خلق فرص العمل. إذ يقدر معدل البطالة في المنطقة بحوالي 11 في المائة. وترتفع النسبة كثيراً لدى الفئة الشابة ممن هم دون سن الـ 24 ، وهو ما يتجاوز 50 في المائة من سكان اليمن وليبيا.

أما عن الفساد فمنتشر في جميع بلدان المنطقة تقريبا و شائع خاصة في التوظيف في القطاع العام.

وأظهرت دراسة حديثة في تونس أن 8 من أصل 10 أشخاص يعتقدون أن الواسطة أساسية للحصول على وظيفة في القطاع العام.

و تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه خلال 7 سنوات (2014-2020) يجب خلق حوالي 28 مليون فرصة عمل في دول المنطقة للحفاظ على معدل البطالة دون ارتفاع. مما يعني خلق 4 ملايين فرصة عمل سنويا.

وأدى التباطؤ في النشاط الاقتصادي بالبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية بعد الربيع العربي ( 2011-2013 )، والآثار غير المباشرة على البلدان المجاورة إلى نمو بلغ متوسطه حوالي 2-3 في المائة.أما سيناريو التباطؤ المستمر في النشاط الاقتصادي ، فإن متوسط معدل البطالة في المنطقة سيشهد زيادة كبيرة، بين الشباب والإناث هم الأكثر تأثراً .

من جهة أخرى، فإن شريحة واسعة من سكان المنطقة تعاني مشاكل اجتماعية (على سبيل المثال اليمن 45 في المائة، 30 في المائة جيبوتي والعراق 20 في المائة ).وفي حال حدوث متغيرات سلبية، فان هذه الأسر معرضة لخطر الفقر المدقع.

وقد ساهم إلى حد كبير عدم وجود التنوع الاقتصادي في تقلب معدلات النمو في المنطقة. فالدول المصدرة للنفط تعتمد في المقام الأول على سلعة واحدة وهي تصدير النفط، أما الدول المستوردة له فتفتقر إلى وجود تنوع في الشركاء التجاريين.

فعلى سبيل المثال تعد فرنسا الشريك التجاري الرئيس لتونس و موريتانيا والمغرب.وتشير دراسة حديثة للبنك الدولي (2013 ) إلى أنه بالنسبة للبلدان الغنية بالموارد، يجب السير بإستراتيجية تنويع الثروة بدلاً من تعزيز صادراتها. و ذلك عبر استثمار رأس المال الملموس في رأس المال الغير ملموس الذي يشمل التعليم والابتكار والمؤسسات القوية التي تعزز المنافسة، بدلاً من مجرد دعم صناعات معينة. ومثل هذه الإستراتيجية تساعد على الاستعداد بشكل أفضل لعصر “اقتصاد ما بعد النفط”.

الاقتصاد العربي
Comments (0)
Add Comment