حوار محمد بن راشد مجلة “الرجل” اللندنية

أكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع أن دبي لا تقدم على أي مشروع إلا إذا كانت متأكدة من جدواه وقدرتها على استيعابه. جاء ذلك في حوار شامل لسموه مع مجلة “الرجل” اللندنية، هذا نصه:

* قصة نجاح دبي سجلت علامة على المستوى الدولي, ما هي الفلسفة التي قامت عليها هذه القصة وأنتم المهندس الذي يقف خلفها؟

– باني دبي الحديثة هو الشيخ راشد المكتوم والذي يقود المسيرة هو الشيخ مكتوم, وكذلك الشيخ حمدان, وهناك أيضا رجالات وسواعد أبناء دبي, ومحمد وحده لا يمكن له عمل شيء, وانما هناك فريق يصنع النجاح, وأنا أستفيد من توجيهات إخواني ومن مساعدتهم لي, كما إننا في الواقع ما زلنا في بداية الطريق, ولا نعدّ أنفسنا وصلنا لطموحاتنا التي نسعى إليها.

* تسيطر على تفكيرك الطريقة التجارية, وهي واضحة عبر إدارتك العمل, وانعكس ذلك على التوجه التجاري لامارة دبي, هل يعود ذلك لقرار مسبق أم لوضع قائم؟

– لا تنس أن دبي مدينة تجارية, وأن لتجار دبي محاولات وخبرة سابقة, الخبرة لانهم يتاجرون مع دول مختلفة, وطالما أن دبي على هذه الحال, كان من الضروري أن نساعد التجار وأبناء دبي في ان يصلوا لأهدافهم وغاياتهم بأسهل الطرق, وأن تكون الحكومة في خدمة تدعيم التجارة في دبي, ونحن ندير دبي على أساس أنها شركة ولكنها شركة رابحة.

* إيقاع النمو والتطور المتسارع في دبي يجعل التنبؤ المستقبلي موضوعاً من الصعب الوثوق به, انتم شخصيا كيف ترون دبي خلال السنوات الخمس المقبلة؟

– من أجمل الأشياء أن تحلم للمستقبل, ونحن لانكتفي بالحلم وحده بل نسعى ونعمل من أجله, فالطموحات كبيرة والأحلام أكبر, وأنا أعتقد أن دبي بعد انتهاء المشاريع الجديدة سوف يتضاعف عدد سكانها, وأذكر أنني صرحت قبل نحو سنتين أن عدد سكان دبي سوف يزداد, وأنها سوف تتغير في ملامحها, وبالفعل تحقق ما توقعناه, وأنا أتوقع لدبي خلال السنوات الخمس المقبلة تحقيق بعض الطموحات التي نحلم ونعمل من أجلها ومازال في جعبتنا الكثير.

  قوانين الجغرافيا

* اسمح لي أن أكون صريحا معك, ألا تعتقد أن دبي من الناحية الجغرافية والسكانية تظل إمكاناتها محدودة وأنكم تتجاوزون حجمكم الحقيقي؟

– لا, لأن هناك عرضاً وطلباً ونحن لا نقدم على أي مشروع إلا إذا كنا متأكدين من جدواه, وقدرتنا على استيعابه, ومتى ما قررنا البدء في مشروع, لا نتردد ولا نتراجع تحت تأثير انتقادات أو تشكيك من الآخرين, لأننا نصر على الوصول لأهدافنا, وكثيرة هي المرات التي راهن فيها الكثيرون على فشل بعض المشاريع التي كنا نخطط لها, والآن هذه المشاريع تحولت إلى واقع, بل إلى نجاح تجاوز التوقعات, نظرتنا ليست محدودة, على العكس فنحن نسعى مع إخواننا العرب إلى أن نكون قوة تجارية إلكترونية موحدة, ونعمل ونحضر الآن لكي نستوعب هذه المشاريع التي تنعكس إيجابا على المنطقة كلها. في الجانب الآخر هناك من يرى أن نجاح تجربة دبي يعود إلى صغر مساحتها, ومحدودية عدد سكانها, ولكن هذه المعطيات من الصعوبة ان تنجح مع الدول الكبيرة نسبيا, من حيث المساحة والسكان.

 أنا أعتقد ان الفلسفة الناجحة تنطبق, سواء على منطقة صغيرة أو كبيرة, فالمؤسسة التي تقودها هي نفس المؤسسة, كما ان الوزارة هي نفسها, ومتى ما شرحت لهم الأهداف وكانت الرؤية واضحة فالنتائج ستكون أكيدة, وقد لا تكون النتائج بنفس السرعة ولكن لدي قناعة بأنه متى كانت الرؤية واضحة سهل تطبيق الأهداف.

*مشروع دبي للإنترنت والحكومة الإلكترونية هل تراهن على نجاحهما؟

– لو لم أكن متأكداً من نجاح هذه المشاريع لما أقدمنا عليها من الأساس.

* ألا تعتقد أن دبي في اقتصادها هي كرئة تتنفس عبرها الدول المجاورة بحيث لو حصل تحت أي ظروف وتوقفت فإن هذا سيعرضكم إلى موقف صعب؟

– سؤالك جيد, وربما يدور في أذهان الكثير من الناس, عبر التجربة التي مرت بالمنطقة والأزمات الاقتصادية التي حدثت سواء في شرق آسيا أو في الخليج كنا الأقل تأثراً بتلك الأزمات وبالعكس كان لتجاوزنا تلك الأزمات، نتائج إيجابية في تعزيز ثقة الشركات ورؤوس الأموال بمتانة واستقرار الوضع الاقتصادي في دبي.

* التركيبة الديموغرافية لإمارة دبي في نظري الشخصي أنها نقطة مقلقة. ألا تقلقون من أن يؤثر ذلك على الأمن الاستراتيجي للإمارة؟
– لا أبداً, الناس لها مصالح في البلد, ومن مصلحتها الحرص على استتباب الأمن, أما إذا كان قصدك التركيبة السكانية, نعم, هناك لجان تعمل على التركيبة السكانية, وبدأت في وضع الحلول كي تزيد نسبة المواطنين, ونحن نعمل على خطط طويلة الأمد لمراقبة هذا الأمر بما يخدم المصلحة العامة.

* هناك تعبير سمعته من أحد المقيمين بأن دبي مدينة ترانزيت وليست مدينة استقرار, أي مدينة تعتمد على حركة الدخول أو الخروج فقط؟

– هناك بعض الصحة في هذا الكلام, ولكن أغلبية التجار يأتون للاستقرار ودبي Export City فهي تستورد وتصدر, ولذلك البضائع هنا أرخص من الأسواق الأخرى, وكل من التاجر والمشتري, يرغبان في الوجود هنا, وأي شخص يلاحظ أن أسعار السلع في دبي أرخص من أسواق المنشأ نفسها, وهذه ميزة أعطت لدبي جاذبية على المستوى الدولي.

  تعدد الاهتمامات

* شخصيتك متعددة الجوانب, فأنت فارس وشاعر وقائد عسكري. ما هي العوامل التي ساهمت في صنع هذه التعددية الواضحة؟

– تأثرت كثيراً بالشيخ راشد والشيخ زايد, وبالطبع حينما تكون مع قائد تتأثر بصفاته وأسلوب حياته, خاصة حينما تكون مع شخصيات عظيمة ومؤثرة مثل هؤلاء الذين هم أنفسهم يحملون التنوع والفكر وبعد النظر, كان من الطبيعي أن أتأثر بهم, واكتسب ولو جزءاً يسيراً من أسلوبهم. – كانت لكم تجربة دراسية في الخارج.

* ما هو التأثير الذي تركته هذه التجربة على شخصكم؟

– تجربتي في الخارج كانت للدراسة العسكرية, فقد درست الطيران الحربي والمدني, وعن طريق هذه التجربة أخذنا من الغرب الأجود والتزمنا بعاداتنا وديننا, ولا شك انها كانت تجربة ثرية في الاطلاع على حضارة وثقافة شعوب مختلفة.

* أقصد هل تركت فيكم تأثيراً معيناً, خاصة إنه في تلك الفترة كانت الظروف المعيشية في الإمارات صعبة نسبياً، وبالتالي انعكس ذلك على إصراركم لعمل إنجاز مختلف؟

– كانت الإمارات تمشي على خطوات مدروسة من الشيخ زايد والشيخ راشد, وكانا أبعد نظرا منا, ونظرتهما سابقة لعصرهما, ونحن كنا حريصين على ان نتزود بالخبرات ونحتك مع الغرب ونستفيد من تجربته.

* شيخ محمد أنت شاعر, وقصائدك تعكس حس المعاناة والحرمان, من أين يأتيك الحرمان وأنت شيخ وحاكم؟

– الشعر عندي لا ينبع من الحرمان, الشعر يرتبط بمواقف. أنا لدي هوايات عديدة وقرأت وحفظت الكثير من الأشعار, لذا فقد صار لدي مخزون من المفردات, وكتبت شعراً بالفصحى ولكنني أفضل النبطي, لأن المساحة المتاحة فيه أكثر حرية أو ربما أن هذا الميدان مازالت فيه مجالات أرحب, إذ لا يوجد المتنبي أو غيره من فطاحلة الشعر العربي. ظهرت للناس في البداية باسم (السليط) ثم غيرت هذا الاسم إلى (شروع) وبعد ان تأكدت من ان الصحف تنشر شعري من دون أن تعرف شخصيتي كشفت عن شخصيتي.

* هل تكتب الشعر من واقع تجربة شخصية أم إنه من نسج الخيال؟ وكما يقال: إن أجمل الشعر أكذبه؟

– كل قصائدي نتيجة تجربة شخصية أو موقف حدث لي شخصياً, ولم يسبق أن كتبت أي بيت من الشعر دون أن تكون لي تجربة شخصية, وأذكر في إحدى المرات وكنا نصيد في اسكوتلاندا على الجبل, رجعنا قبل المغرب, وهناك بحيرات بين الجبال العالية والسحاب ينزل كالرذاذ ونحن جالسون أمام بحيرة, والجبل الأخضر أمامنا يختفي وسأل صديق من الحضور: من يستطيع أن يكتب في هذا الموقف؟ فكتبت ثلاثة أبيات لم أكملها حتى الآن:

بين ماء وخضرة والوجه الحسن منظم منه أوقف في الدماء :
والجبال الشامخة ما بينن ومثلهن
في الجو شفت جبال ماء
وتمازجن وتلامسن وماء البحيرة عانق عنان السماء

والشعر بالنسبة لي هواية وعشق طويل. ولا أستطيع أن اكتب إلا منطلقا من تجربة شخصية, وقد استفدت من الاحتكاك مع شعراء كبار مثل الشيخ زايد, وهو شاعر متمكن واستفدت منه كثيرا خلال احتكاكي به.

* يبدو ان ساحة الشعر النبطي ازدحمت واختلط فيها الغث بالسمين, كيف تقيمون مستوى الشعر النبطي في الوقت الحاضر؟

– الشعر النبطي قريب جداً من الفصحى, ويلامس المشاعر, ويستطيع ان ينقل الأحاسيس بشكل مؤثر, وبطبيعة الحال وفي أي مجال هناك الجيد والرديء، ولكن الجيد هو الذي يفرض نفسه ولكن في منطقة الخليج هناك شعراء كبار وكذلك في بعض الدول العربية.

* يلاحظ على مفرداتك في الشعر أنها قوية وجزلة, ويحتاج المستمع في كثير من الأحيان أن يسأل عن معناها ما هو السبب في ذلك؟

– نعم هذا صحيح, لقد تأثرت كثيراً بالشعر العربي القديم و حفظي للأشعار العربية كون لي مخزوناً لفظياً من المفردات التي تنطلق في شعري بشكل عفوي, لأنها وليد تراكمات زمنية، وأذكر أنني في مراحل مبكرة من عمري, حينما كنت أسافر مع الشيخ راشد كنت أحمل معي دواوين لشعراء كبار مثل المتنبي, وأحفظ كثيراً من هذه الأشعار, مما انعكس على أسلوبي ومفرداتي في الشعر.

  عشق الفروسية

* الفروسية لها معك قصة طويلة فانت تسابق على الخيل كفارس.. كما انك احد اشهر ملاك الخيول عالميا, ما سر علاقتك بالفروسية؟

– حب الخيل في دمي, ولا تنس أن الخيل العربية وجدت مع القبائل العربية, وكانت اداة مهمة في الصيد وفي الحرب, وهي تمثل تاريخ العرب, الفروسية ليست مجرد ركوب للخيل, بل هي اصالة وسلوك, لقد ولدت على حب الخيل والوالد عرفني منذ صغري على الخيل وعلمني ركوبها وشاركت ومازلت أشارك في سباقات القدرة والسرعة سواء محلياً أو إقليمياً.

* شيخ محمد أنت قائد ومسؤول ووقتك عادة محدود. ألا تشعر أن الخيل ومتابعة السباقات تأخذ من وقتك الكثير؟

– سؤال جيد. وهذا السؤال طرحته عليّ صحافية بريطانية, فقد بحثت عني في لندن ووجدتني في احد مزادات الخيول.. وقالت لي انا لا أفهم في الخيل ولكنني أرغب في أن أسألك كم تخصص من وقتك للخيل؟ فاجبتها وأحد ونصف في المئة.فقالت: مستحيل نحن لدينا خبراء ومتخصصون متفرغون وأنت تخصص فقط هذه النسبة البسيطة من الوقت وتصنع هذا النجاح! ودخل علينا وقتها أحد الأصدقاء الذي لم يكن حاضراً النقاش, وطلبت منها ان تسأله السؤال نفسه.. وكانت اجابته مشابهة. أنا هوايتي الخيل وأمارس هذه الهواية في وقتي الخاص.. والإنسان اذا نظم وقته يستطيع أن يمارس هوايات كثيرة, الأولويات عندي للعمل وما يتطلبه من التزامات, ولكنني أحرص على التنظيم لأنه عامل أساس في نجاح الإنسان.

* معروف عنكم أنكم من كبار ملاك الخيول في سباقات الخيل الدولية. ولكم مشاركات كبيرة سواء أكان في بريطانيا أم فرنسا, وغيرهما. بصراحة ماذا تهدف من هذه المشاركات؟

– السمعة والتنافس وإثبات الوجود, نحن العرب لا نقل عنهم في أي شيء. والسمعة التي نحققها ليست مفخرة لنا وحدنا، بل هي للعرب أجمعين، ونحن نمثل العرب وكوننا نافسنا الأوروبيين بل وتجاوزناهم فهذا فخر لنا جميعاً.

* ولكن لماذا لا تنطلق هذه السباقات من دبي بدلاً من الذهاب إلى أوروبا؟

– لدينا أكبر سباق في العالم وأفضل حصان في العالم يشارك في دبي, لأن الأمريكيين لا يذهبون لأوروبا, والأوروبيون كذلك لا يذهبون إلى أمريكا. والأمر نفسه مع اليابانيين, فهم لا يذهبون إلى أوروبا وكذلك الأستراليين, ولكن في دبي تجتمع أفضل خيول العالم في السباق السنوي, وهو أغلى سباق في العالم.

  يوم الشيخ محمد

* برامجكم مرتبطة بالتزامات متعددة. ولكن لي رغبة في معرفة برنامجكم اليومي كيف تقضونه؟

– ليس لدي روتين معين, ودائما افضل الاهم على المهم, فهناك اولويات تأخذ وقتي, وبالطبع هناك اساسيات في البرنامج اليومي, سواء أكان العمل المكتبي أم الاجتماعات التي يتطلبها العمل. او اللقاءات مع المسؤولين في الامارة والتي دائما افضلها على الغداء, حتى لا يضطروا لترك مكاتبهم وقت الدوام, وبالطبع هناك الاوقات الخاصة التي امارس فيها هواياتي.

* يلاحظ ان سياساتك الادارية حازمة, بل والبعض يقول متشددة, مما يجعل هناك ضحايا لهذه السياسة. ما تعليقك على ذلك؟

– نعم انا اميل للحزم ولكنني لست متشددا, فانا حازم في مصلحة الناس والبلد, لانه لابد من اظهار نتائج ابداعية وانا انتظر نتائج من الفريق الذي يعمل, ولا ننسى اننا نسابق الزمن, وهذا يجعل المسؤولية كبيرة, ولكن الانسان الروتيني الذي لا يريد ان يتطور هو المشكلة, انا لا احاسب شخصا يعمل, على خطأ فمن يعمل لا بد وان يخطئ, ونحن نقف مع الشخص الذي يحاول ويبتكر حتى وان اخطأ، ولكن نرفض الجمود والتقوقع داخل الروتين, وربما هناك بعض الضحايا على مر السنين وهم ليسوا ضحايا لانهم فصلوا من اعمالهم, بل اقصد بذلك انهم نقلوا الى مكان اخر ليجدوا المكان الذي يناسبهم. والحزم له وقته, ولكنا كذلك نكافئ الشخص المبدع حتى يكون هناك تحفيز للابداع. وهذه رسالة واضحة: الشخص الذي يعمل يكافأ والشخص غير المنتج يعاقب ولذلك انا قلت انه لا يوجد لدينا وزراء معششون, بمعنى ان الوزير يجلس على الكرسي ولا يتحرك, وبالفعل لقد غيرت مواقع بعض الاخوان اكثر من ثلاث مرات حتى يكونوا في المكان المناسب.

عسكري بفلسفة ادارية

* دراستك عسكرية. ولكن الاحظ ان لديك فلسفة ادارية متميزة من اين اقتبست هذا الاسلوب الاداري؟

– دراستي في الاساس عسكرية وقيادة، ولكن لا تنس انني عشت مع سياسيين وفي كل اللقاءات الدولية, سواء أكان مع رؤساء الدول أم الوزراء, اكون موجودا, وقد استفدت من الاحتكاك مع الشيخ زايد والشيخ مكتوم, وربما لاحظت ان ادارتنا تختلف عن ادارة اي بلد آخر, وهي تجربة ادارية محلية بحتة.

* يقال ان من عيوبك انك ترغب دائما في نتائج سريعة. ولكن هذه السرعة ربما ينتج عنها بعض الاخطاء؟

– صحيح انني اريد نتائج سريعة, لكنني لا اقدم على اي مشروع حتى تتم دراسته مع الاخوان او مع نفسي بشكل كاف, ولابد ان تكون الرؤية واضحة بالنسبة لنا ونكون ملمين بالايجابيات والسلبيات, وحينما نقتنع وننفذ المشروع لا يمكن ان نتوقف لمجرد ان يشكك او ينتقدنا احد، وقد اثبتت الايام ان المشاريع التي دخلناها بقناعة نجحت رغم انها قوبلت بتشكيك كبير من الاخرين. ولكن قناعتنا كانت اكبر, وتحققت بالفعل.

* هل السرعة هي من طبيعتك. ام ان الظروف فرضتها عليك؟

– فرضها عليّ الزمن فالعالم اصبح قرية صغيرة لذلك يجب ان تكون عندنا روح المبادرة والتنبه لعامل الزمن, والانسان امامه خياران: اما ان يكون تابعا او مبادرا ونحن نرغب في ان نكون مبادرين ومتقدمين.

الاستقرار السياسي

* معروف ان الاستقرار السياسي هو الجانب الاساس للاقتصاد. كيف ترى مستقبل دبي سياسيا؟

– انا لا اتكلم عن استقرار امارة. انا اتحدث عن استقرار الدولة, والحمد لله بتوجيهات الشيخ زايد والشيخ مكتوم فان دولة الإمارات مستقرة وامنة, والامن مستتب والرؤية واضحة والحركة الاقتصادية القوية دلالة واضحة على الاستقرار السياسي.

*بالفعل من اللافت للانتباه هذا الاستقرار الامني الملموس, رغم وجود جاليات كبيرة متعددة الجنسية, وهذا شيء يتفق عليه الكثيرون. ولكن سؤالي عن المستقبل بما يحمل من تغيرات, هل هناك رؤية لهذا المستقبل.؟

– نعم هناك رؤية نتلمسها بوضوح, فالمنطقة مقبلة على تغيرات كبيرة, فالسلام سيتم في المنطقة, وكل الدول تحاول ان تعيد بناء نفسها وتلحق بركب التطور, ويجب ان نكون مستعدين لكل التغيرات.

* دولة المؤسسات هل هناك من خطوات لتعزيز دورها بحيث تشكل الضمان الاساس للاستقرار السياسي؟

– نحن نسير بخطوات مدروسة. ونهتم بالاساسيات بحيث نركز على تعليم الانسان وان يكون آمنا يتحرك مثلما يريد ويقول ما يريد, ونحن همنا الاساس خدمة المواطن وتطوير البلد.

* بعض الدول بدأت تتخذ خطوات باتجاه هذا الامر. مثل حق الترشيح والانتخاب للبرلمان. ما تصورك لمثل هذه الخطوة؟

– انت تقصد الديمقراطية؟

* الديمقراطية بمفهومها الاشمل؟

– الديمقراطية هي مسألة نسبية تختلف من مجتمع لآخر, وهناك امثلة موجودة امامنا, روسيا مثلا ارادت ان تدخل الديمقراطية فانظر الى النتائج وفي الجانب الاخر انظر الى الصين كيف تتدرج في الديمقراطية بخطوات مدروسة ومتأنية, وتستطيع ان تلمس الفرق بين التجربتين. الديمقراطية في نظري ان يكون شعبك آمنا ومستقرا ولديه حرية الحركة, ولديه الحرية الكاملة في حياته, شرط عدم التعدي على حرية الاخرين, وهناك حكومة تسعى لخدمة الشعب وفي دولة الإمارات تعتز الدولة بخدمة شعبها ولكن ايضا (وأمرهم شورى) وهذا يتحقق من المجالس, ونحن نقوّم من فترة لاخرى هذه الخطوات ونحرص على تطويرها بشكل لا يتعارض مع ديننا وتقاليدنا وعاداتنا, اذا كان ديننا الاسلام ودستورنا القرآن فهذه أكبر ديمقراطية.

* لوحظ في الفترة الاخيرة ان دولة الإمارات وقعت صفقات أسلحة ضخمة. هل تعتقد ان هذا الوقت مناسب لمثل هذه الصفقات في ظل الظروف والمستجدات الاقتصادية في المنطقة؟

– دولة الإمارات دولة صغيرة تتطور, ولا بد لها ان تعمل الترتيبات الكاملة للدفاع عن نفسها ومكتسباتها, وما دمنا قادرين على ان نستوعب السلاح ومتمكنين من ادارته فهذا هو المهم, وانا ارى ان التسليح امر طبيعي, بل ومهم للحفاظ على المكتسبات وخدمة المواطن.

* الخلاف على الجزر الإماراتية المحتلة انعكس تباعدا بين ايران والإمارات. هل تتوقع في حالة تصعيد الخلاف يؤثر ذلك على العلاقة الاقتصادية بين دبي وايران؟

– نحن نتبع ما قاله الشيخ زايد في قوله (الحوار السلمي مع ايران او التحكيم الدولي) وايران جارة مسلمة ولنا معها علاقات اقتصادية متميزة, ونحن نؤيد تماما ما قاله الشيخ زايد في هذا الموضوع.

* تخطو دبي خطوة مهمة في سبيل تعزيز موقعها التجاري, بل والقفز من الاسلوب التجاري التقليدي الى تجارة الانترنت. ما هو طموحك في هذا المجال؟

– التجارة الالكترونية هي التوجه الحديث في العالم, وتشير التقديرات الاولية الى ان حجم التجارة الالكترونية بلغ 40 مليار دولار, ويتوقع خلال العامين المقبلين ان تبلغ نحو 150 مليار دولار، وفي دبي شعرنا بأهمية هذه المسألة ومدينة دبي للانترنت تشمل مركزا للتجارة الالكترونية, ونحن ندعو رجال الاعمال العرب لدخول هذا المجال (كان الشيخ محمد قد طرح في اجتماعه مع رجال اعمال خليجيين في اليوم نفسه فكرة تأسيس شركة مشتركة للتجارة الالكترونية يساهم فيها رجال الاعمال ويكون مقرها مدينة دبي للانترنت).

* هناك من يقول ان بعض المؤسسات لا تتيح الفرص للمواطنين, وان بعض الاجانب الذين يتولون مناصب قيادية يقفون حائلا دون هذه الفرص؟

– تقصد مؤسسات حكومية؟

* نعم

– اسمح لي ان اقول ان هذه المقولة خاطئة تماما, ففي المؤسسات الحكومية كل المناصب القيادية تعود للمواطنين والفرصة للمواطن اولا, ولكن هناك بعض الوظائف المتدنية التي لا يرغب فيها المواطنون لذا يشغلها الاجانب.

* اتخذتم خطوات جريئة بتعيين سيدات كأعضاء في مجالس ادارات, ما هو تصوركم لدور المرأة الإماراتية وهل من الممكن ان نراها وزيرة وسفيرة؟

– نحن فخورون ببناتنا ونشجعهن وندعمهن ونحن نشجع الشباب والشابات لتولي مناصب قيادية ولا استبعد ان تكون الفتاة الإماراتية سفيرة او مديرة دائرة, فالتي تثبت نفسها تستحق التشجيع والتقدير.

حرية الابناء

* يلاحظ على ابنائك التأثر بشخصك, كيف ترسم لهم الطريق وما هي توجيهاتك لهم؟

– لا افرض على ابنائي ارائي ولكنني اترك لهم حرية الخيار, وهذا هو الاسلوب الذي انشأني الوالد عليه. انا راض عنهم ومن الطبيعي ان اوجههم اذا رأيت لديهم اي خطأ.

* تمارسون نشاطات وهوايات مختلفة. أين يجد الشيخ محمد نفسه بين كل هذه الامور؟

– اللحظة تحكم الشعور فحينما اركب الخيل اشعر اني فارس واجد نفسي هناك، وحينما اقول الشعر اشعر اني شاعر وكذلك في الصيد كل وقت وله خصوصيته، وعند ممارستي لاي عمل اعيشه بكل جوارحي.

لا غرور

* شيخ محمد انت جمعت عدة صفات في شخصك, فانت جمعت القيادة والادارة والعسكرية والشعر والفروسية. الا يشعرك هذا ببعض الغرور؟

– لا .. لا الغرور يصيب الشخص الذي يعتقد انه وصل الى مرحلة يعتقد معها انه دائما صائب وعلى حق, وانا اتعلم من اصغر الناس ومازلت في بداية الطريق. واذا كانت فينا هذه الصفات فاننا في الوقت نفسه ندرك موقعنا ونعرف مركزنا, والغرور ابعد شيء عنا.

* حلم تحلم به ولم يتحقق حتى الآن؟

– الانسان دائما يحلم ويتعلم ونحن نتعلم كل يوم, حتى نستطيع ان نطور بلدنا ونستفيد من الافضل لمصلحة وخدمة ابنائنا, ومازلنا في بداية الطريق وطموحاتنا كبيرة ونحن ندرك ان امامنا مسافة طويلة, ولكن من سار على الدرب وصل.

حوار محمد بن راشد مجلة
Comments (0)
Add Comment