التقى مراسلون الشيخ حمدا ولد التاه وفي معرض حديثه عن موجة الالحاد واجابته على السؤال:تميلون إلى محاورة الشباب والاستماع إليه ومساعدته في حل مشاكله.. هل تقدمون تفسيرا لظاهرة الإلحاد والنيل من المقدسات المتصاعدة في صفوف الشباب؟ وما السبيل إلى معالجتها؟
الشيخ حمدا ولد التاه : دعني أكرر أن الموريتاني – كما قلت – يقبل كل شيء ولا يقتنع بشيء.. هذا خطير.. هذا تميع ناتج عن غياب الدولة المركزية.. الإلزامية القانونية.. لأننا ما نشأنا في دولة.. ما عرفنا دولة.. عرفنا أفرادا.. عرفنا قبائل، لكننا لم نعرف دولة.. ونتيجة لهذا التميع… أخطر من ذلك هناك تقسيمات ثلاثية خطيرة جدا.. هي نوع من توزيع “التدين” أو “لا تدين” بين المجموعات.. الزوايا ينبغي أن يكونوا متدينين.. لماذ؟ حسان ليس عليهم أن يتدينوا.. هذا غير صحيح.. حسان والزوايا والرعاة؛ كلهم عبيد لله ومتساوون في الخطاب ويجب عليهم الامتثال على حد سواء.. والعلم لهم جميعا.. ليس حكرا على الزوايا.. وهذا شهده تاريخنا.. علماء أولاد داود.. علماء أولاد يونس.. علماء المغافرة عندنا.. علماء إدوعيش.. فيهم علماء.. فليس هناك علم لمجموعة معينة، أو جهل لمجموعة معينة، أو تدين لمجموعة معينة..
أتذكر في بداية نشأة انواكشوط.. أننا في جلسات العمل إذا حان وقت الصلاة؛ يصعب على الفرد أن يقول: هيا، لنصل.. فالمتدين يصلي وحده.. وقد يصلون أفرادا.. أما اليوم فالحمد لله.. العاصمة انواكشوط في الزمن الماضي.. تفرغ زينه بالذات لم يكن فيها من المساجد إلا دائرة من اللَّبِن لدى قائد فرقة الموسيقى العسكرية قرب دكان اكَّاه.. كانت هناك دائرة من اللَّبِن يؤذن فيها قائد فرقة الموسيقى العسكرية.. هذا هو المسجد الوحيد في عموم تفرغ زينه.. كم فيها اليوم من مئذنة؟ كم فيها من مسجد؟ كم فيها من عالم أيضا؟ الحمد لله الدنيا بخير.. الدنيا بخير.
والإلحاد في الحقيقة كانت له دلالة.. كان مما يدل على ثقافة أصحاب الباكلوريا أنهم ملحدون.. فإذا لم يكن ملحدا؛ فمعناه أنه لم يدرس الفلسفة.. وإذا درس الفلسفة فعليه أن يشك.. المرحلة الديكارتية.. وكان عليه أيضا أن يبتعد عن “اسْتَزْوِي” حتى يتبين أنه مثقف.. يعني نوع من “اگْلِيعْ لَعْظَامْ”.. ولهذا ظهرت في الزوايا أكثر من حسان.. وهذا مشاهد.. لا أتذكر أبدا أن أحدا من المغافرة ولا من إدوعيش تظاهر بالإلحاد، بينما ظهرت أدبيات وأغنيات وأشعار بين الذين ينتمون إلى بيوت متدينة.. لا أريد أن أُعَيِّن.