أعلنت السلطات التركية أن الانتحاريين الثلاثة الذين نفذوا تفجيرات مطار أتاتورك في إسطنبول الثلثاء هم روسي وأوزبكي وقرغيزي، من «الفضاء السوفياتي» السابق، وذلك بعد ساعات على شنّ الشرطة حملات دهم في المدينة واعتقالها مشبوهين بتعاونهم مع تنظيم «داعش» في الهجوم.
تزامن ذلك مع سجال بين الحكومة والمعارضة، وسط حديث عن «فشل أمني» في إحباط عمليات «داعش». واتهم زعيم المعارضة البرلمانية كمال كيلجدارأوغلو حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بـ «قرابة أيديولوجية» مع التنظيم.
وأعلن وزير الداخلية التركي أفكان آلا، أن عدد قتلى الهجوم ارتفع إلى 44 شخصاً، بينهم 19 أجنبياً. وأضاف أن أدلة تفيد بتورّط «داعش» في الهجوم، مشيراً إلى أن منفذيه الثلاثة دخلوا تركيا قبل شهر من تنفيذ الاعتداء الذي اعتبر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) جون برينان أنه يحمل «بصمات» التنظيم. ولفت آلا إلى تحديد هوية أحدهم.
وذكر مسؤول تركي أن الانتحاريين الثلاثة هم روسي وأوزبكي وقرغيزي. وأوردت صحيفة «يني شفق» الموالية للحكومة أن الانتحاري الروسي هو من داغستان، والذي ذكرت صحيفة «حرييت» أنه يُدعى عثمان فادينوف، مشيرة إلى أنه دخل تركيا من الرقة، معقل «داعش» في سورية.
وأشارت «يني شفق» إلى شبهات بأن منظّم الهجوم هو أحمد شاتاييف، وأصله شيشاني، واسمه مدرج على قائمة عقوبات الأمم المتحدة، بوصفه قيادياً في «داعش» مسؤولاً عن تدريب المتشددين الناطقين بالروسية. كما أنه مطلوب لدى موسكو.
وكشفت مصادر أجهزة الأمن أن الانتحاريين الثلاثة دخلوا تركيا قبل 32 يوماً آتين من روسيا. وأفادت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء بأن المهاجم الروسي ترك جواز سفره في منزل استأجره الثلاثة في منطقة فاتح. أما صحيفة «قارصي» فنقلت عن مصادر في الشرطة إن المنفذين الثلاثة كانوا جزءاً من خلية تضمّ 7 أفراد، دخلت تركيا في 25 أيار (مايو) الماضي.
وأوقفت قوات الأمن التركية أمس 13 مشبوهاً، بينهم 4 أجانب، خلال حملة دهم طاولت 16 منزلاً في إسطنبول. وبثّت شبكة «سي إن إن ترك» أنهم اتُهموا بتقديم دعم لوجستي للانتحاريين الثلاثة. في الوقت ذاته، اعتقلت قوات الأمن 9 أشخاص في مدينة إزمير، يُشتبه في ارتباطهم بـ «داعش».
وأوردت وسائل إعلام تركية أن قوات الأمن قتلت في 25 حزيران (يونيو) الماضي على الحدود السورية، شخصين يُعتقد بأنهما ينتميان إلى «داعش»، مشيرة إلى أن أحدهما خطط لهجوم انتحاري في أنقرة أو مدينة أضنة.
تزامنت التحقيقات في مجزرة المطار مع تسريبات لوسائل إعلام عن معلومات حول خطط أعدّها التنظيم لشنّ هجمات في تركيا، وكشف أخبار كانت سرية عن توقيف مسلحين من «داعش» خططوا لاستهداف تظاهرات لمثليين في إسطنبول، ومؤسسات حكومية في أنقرة وأضنة وإزمير.
ورفضت الحكومة دعوة المعارضة إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة اتهامات وجّهتها الأخيرة حول «فشل أمني» في التصدي للتهديدات الإرهابية، والعلاقة مع «داعش». واتهم رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيلجدارأوغلو الحزب الحاكم بـ «قرابة أيديولوجية» مع التنظيم. كما وجّه 11 سؤالاً إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، حول اتهامات بدعم الحكومة التركية «داعش» سابقاً، وطلب منه كشف «الوسيط» الذي ساعده في التفاوض مع التنظيم على إطلاق 49 تركياً احتُجزوا في القنصلية التركية في الموصل العام الماضي، وعن «خدمات» قدمتها الحكومة التركية لـ «داعش».
ويأتي كشف تورط روسي بالهجوم على مطار أتاتورك، في وقت تجهد أنقرة وموسكو لتطبيع علاقاتهما، إذ أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تركيا اعتذرت عن إسقاطها مقاتلة روسية العام الماضي فوق الحدود السورية. لكن السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف لفت إلى أن بلاده تنتظر «معاقبة مرتكبي الحادث وتعويضاً» قبل استعادة العلاقات الكاملة مع تركيا.
ووجّه رئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف برقية إلى نظيره التركي يدعو فيها إلى «تعاون وثيق» في محاربة الإرهاب، فيما أعلن الكرملين أن روسيا ستتخذ إجراءات لتخفيف القيود الاقتصادية والتجارية التي فرضتها على تركيا، بناءً على نتائج المحادثات بين الجانبين.