موريتانيا :مخطط إيراني لنشر التشيع

على مدار تاريخها الطويل لم يكن للتشيع نفوذ على أرض موريتانيا، فهي تاريخيًّا أرض سنية مالكية المذهب، ولكن تطورات سياسية لاحقة هي التي قادت إلى تنامي نفوذ التشيع المدعوم سياسيًّا من الدولة الإيرانية، كما أدى زيادة نفوذ التجار اللبنانيين في البلاد وعلاقاتها التجارية مع السنغال التي تنامى فيها التشيع إلى التأثير على التركيبة المتناغمة لموريتانيا.
بداية الظهور العلني للتشيع:
كانت بداية الظهور العلني للتشيع في البلاد, قبل وضوح الدعم السياسي من إيران, مع إعلان مواطن يدعى بكار ولد بكار، وهو موظف بوزارة الشؤون الاجتماعية الموريتانية تشيعه, ثم أصبح فيما تلا عام 2006 زعيمًا لشيعة موريتانيا, ورجل إيران في نشر التشيع في موريتانيا وغرب إفريقيا، ينتمي إلى طائفة المرجع الشيعي السيستاني.
وكانت تحركات إيران عبر رجلها بكار ولد بكار غير صريحة فكانت تتخفى وراء ستار الصوفية في البلاد.
الانقلاب ومد الجسور:
وكان المشايخ والعلماء في موريتانيا في طليعة المواجهين لهذا المد الشيعي في البلاد، إلا أن تغيرات سياسية حدثت في البلاد بعد ذلك ساهمت في زيادة أعداد الشيعة في البلاد وغض الطرف من الحكومة الرسمية عنه.
ففي عام 2008 قام محمد ولد عبدالعزيز بالانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في البلاد، وهو محمد ولد الشيخ عبدالله بعد أن قام الأخير بعزله من رئاسة الحرس الرئاسي.
وجد الرئيس الجديد نفسه معزولًا بعد الانقلاب العسكري وفرضت الدول الأوروبية ومؤسسات التمويل الدولية التي هي الداعم الرئيس للاقتصاد الموريتاني عقوبات مالية على السلطة الانقلابية، وجمدت دول الخليج والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنك الإسلامي للتنمية مساعداتها وقروضها المالية للحكومة الموريتانية.
وللخروج من الأزمة الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية المفروضة عليه بعد انقلابه العسكري، توجه الحاكم العسكري، الجنرال محمد ولد عبد العزيز، صوب إيران (المعادية للدول الخليجية) للحصول منها على الدعم المالي. فتم استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجمهوريتين الموريتانية والإيرانية والتي كانت مقطوعة مند 1996 في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع دعمًا منه حينها للإمارات العربية المتحدة ضد احتلال إيران لأراضيها في جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسي.
ومنحت إيران للنظام الموريتاني في ديسمبر 2008 مبلغ 100 مليون دولار أمريكي لدعم الخزينة الموريتانية التي كانت في حالة عجز بسبب انقطاع القروض والمساعدات المالية العربية والأوروبية.
وفي مارس 2010 زار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز طهران وأعلن دعم بلاده لها في خلافها مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي وتنسيق البلدين لمواقفهما في المحافل الدولية.
وبعد الزيارة منحت إيران لموريتانيا عبر المصرف الإيراني للتنمية والتصدير سلسلة قروض مالية لإنشاء مشاريع تنموية تشمل النقل البري وشق الطرقات وإنشاء السدود وإدارة الموارد المائية في المناطق الزراعية.
وبهذا التقارب غضت السلطات في الدولة الطرف عن التوسع الإيراني في البلاد عبر نشر التشيع، ليس عن طريق المؤسسات غير الحكومية المدعومة منها، بل أيضًا بدعم من السفارة الإيرانية في العاصمة.
وتعالت أصوات علماء الدين في البلاد طلبًا لمواجهة نشر التشيع، إلا أن السلطة التي حصلت على الأموال لم تكن عازمة على السعي نحو إغضاب من يمولها بالمال.
وتستغل إيران الفقر المدقع الذي يعيش فيه كثير من الموريتانيين في نشر التشيع حيث تستغل حاجتهم للمال وتقوم عبر أنشطة ثقافية وخدمية بنشر التشيع بطريقة غير مباشرة، وتستغل حب الشعب للدين وآل البيت كطريقة مبدئية، وهو ما مهد لها الطريق، كما أنها عبر استخدام عدد من التجار الذين ينتشرون في غرب أفريقيا استطاعت تجنيد أتباع لها في البلاد.
أبرز الشخصيات العاملة على نشر التشيع في موريتانيا:
ـ محمد ولد الشيخ ولد الشريف: وهو تاجر موريتاني يعمل في أسواق الدول الإفريقية؛ السنغال، مالي، غامبيا، بوركينا فاسو, يزعم أن في كل هذه الدولة جاليات شيعية كبيرة، وأن في موريتانيا حضورًا شيعيًّا معتبرًا.
يؤمن بزواج المتعة ويقول: إن مجرد قبول المرأة الثيب به مقابل الثمن (التعويض) الذي يتفق عليه الطرفان والمدة يجعله عقدًا شرعيًّا. ينتقد هذا الأخير الشيعي بكار ولد بكار ويقول: إنه شخص ليس له مستوى علمي.
ـ أحمد يحيى بن بلا: وهو ينتمي إلى مقاطعة الركيز في ولاية الترارزة، رجل مثقف ثقافة شرعية ولغوية لا بأس بها، وهو ابن أخ العالم اللغوي الكبير التقي ولد بلا، الذي كان يحمل محبة مغالية لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرهًا شديدًا لبني أمية، ويعتبر التقي شخصية علمية وأدبية كبيرة.
أما ابن أخيه أحمد يحيى ولد بلا فهو صاحب سيارة نقل بين المدن، ويعلن بين الحين والآخر استعداده لمناظرة كبار علماء موريتانيا من أجل الدفاع عن الشيعة!
زار ولد بلا مدينة قم الإيرانية أكثر من مرة رفقة عناصر من أقاربه، أبرزهم ابن أخته شيبة وابن عمه المنى بن عبد الحميد الذي يعمل أيضًا عضو مجلس إدارة معهد ديني للشيعة اللبنانيين في السنغال، ويتقاضى من عندهم راتبًا بحوالي 100 ألف أوقية كما سبق لولد بلا أن زار منطقة البقاع اللبنانية.
يتحدث البعض عن زيارات متعددة يؤديها المذكور إلى منطقة تكند في ولاية الترارزة بشكل دائم، ربما تكون ضمن نشاطه التشييعي.
أهم الأسباب والعوامل:
المهدي ولد لمرابط رئيس تحرير موقع المشاهد الموريتاني قال: عرفتْ موريتانيا كغيرها من بلدان المغرب العربي وإفريقيا تسارعًا في وتيرة المد الشيعي، خلال السنوات القليلة الماضية، بفعل تضافر مجموعة من العوامل لعل منها، انتشار المراكز الثقافية الشيعة التابعة للجمهورية الإيرانية، في بعض الدول الإفريقية المجاورة لموريتانيا، حيث كانت بعض الجاليات الموريتانية في هذا البلدان سواء منها الممارسة للتجارة، أو الطلاب، على احتكاك مباشر مع الجالية اللبنانية التي معظمها من أتباع المذهب الشيعي، وتلقت منهم معارف أولى عن المذهب الشيعي.
مشروع حقيقي انطلق مع الثورة الخُمينية:
المفكر والصحافي محمود القاعود والباحث والمتخصص في الفكر الشيعي قال: الحديث عن خطر التشيع ليس محض كلمات مرسلة، إنما هو مشروع حقيقي انطلق مع الثورة الخُمينية عام 1979، التي جاءت بمشروع “الإمبراطورية الفارسية” للسيطرة على العالم العربي، ومن ثم إفريقيا وبعض الدول الآسيوية مثل باكستان وأفغانستان.
وأضاف: عمليًّا إيران تسيطر على عدة عواصم عربية سيطرة تامة: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء والمنامة، وهو ما يُشكل خطرًا داهمًا، حيث إن طموح “الإمبراطورية” لن يتوقف عن عاصمة أو اثنين أو حتى عشرة.
وتابع القاعود: ومن هذا المنطلق كان توجه إيران إلى إفريقيا، وقد قام الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد بزيارات عديدة لجزر القمر وأوغندا وإثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية التي تشكل تربة خصبة لنشر التشيع؛ نظرًا لفقر الشعوب الإفريقية، وجهلهم بحقائق الإسلام وخطر الشيعة، وهو نفس الدور الذي لعبته إيران في السودان وموريتانيا.
وأردف: نيجيريا الآن بها ملايين الشيعة، وقد صدمني احتشاد مئات الآلاف في ذكرى عاشوراء هذا العام، فصورهم توضح إلى أي مدى تغلغل التشيع في إفريقيا، ليبقى المسلمون بين مطرقة التنصير وسندان التشيع البغيض في إطار مشروع كولونيالي (صليبي – شيعي) لديه هوس تنصير وتشييع المسلمين، في ظل غفلة من أهل السنة الذين يُبادون في غالبية الأقطار الإسلامية.
وعن الإنفاق الإيراني على التشيع؛ قال القاعود: للأسف أهل السنة في غفلة، وإيران تنفق سنويًّا مئات الملايين من الدولارات لنشر عقيدتها ومشروعها الإمبريالي الاستئصالي، وهو ما دفع العديد من الفقراء والجهلاء للتشيع، وأوضح دليل على ذلك حالات التشيع الكبيرة التي تجري في العاصمة دمشق تحت وقع براميل البارود التي يُلقيها نظام السفاح بشار الأسد في كل المحافظات، وخاصة المحررة من قبضته الإجرامية، ومثلها ما تفعله حكومة حيدر العبادي في بغداد.
دراسة تكشف مخطط تشييع موريتنا.
كشفت دراسة سرية حديثة، عمل جهات موريتانية مع جهات إيرانية، على إعادة ما تصفه الدراسة “مكانة الشيعة في موريتانيا”،
وقدمت هذه الدراسة مطالب بالتركيز على مناطق الشمال الموريتاني، باعتبارها مكان اجتماع الثروة والسلطة، وكذا “ضعف حضور علوم أهل السنة فيها حيث تقل فيها المحاضر “المدارس التقليدية” والعلماء مما يؤهلها لتكون المنطقة المثلى للتشيع”.
ورأت الدراسة التي وصلت إلى الجانب الإيراني عن طريق رئيس مؤسسة “انقلاب” الثقافية محمد جواد أبو القاسمي، أنه “يمكن أن تتحول موريتانيا إلى بلد شيعي، كما يمكن للعمل الشيعي أيضا في الوقت الحاضر إذا وجد تنظيما مناسبا أن يعوض تراجع التشيع في المغرب، وذلك من خلال جهود التنظيم والتأطير وزيادة الحضور في الميادين الثقافية الدعوية والإعلامية والاجتماعية الخيرية والاقتصادية”.
وتوقعت الدراسة التي أعدتها جهات موريتانية “أن يؤتي العمل الشيعي إذا توافرت له الشروط والمقدرات أكله بسرعة، ليسمح برفع نسبة التشيع في موريتانيا من 1.5 % إلى حولي 20 % في ظرف 10 سنوات قادمة”.
تعدد العقبات
عددت الدراسة عقبات ترى أنها تقف في وجه انتشار التشيع في موريتانيا، منها “مشاكل التنظيم، والتأطير، وتوفير المؤسسات”، واصفة هذه العقبات بأنها “المشاكل الأبرز أمام الشيعة الموريتانيين حتى يتمكنوا من فرض وجودهم على الخارطة الثقافية والدعوية والسياسية والاقتصادية”.
كما رأت أن من هذه المشاكل والعقبات “عدم وجود حوزة علمية تؤطر وتنسق عمل الفاعلين الأساسيين في الساحة الموريتانية، وغياب إستراتيجية مناسبة لربط وتأطير الشيعة من خلال مؤسسات رسمية لتنظيمهم وتوفير المساجد والمدارس والمراكز والكتب بهدف ذلك، والافتقار إلى قيادات دينية وفكرية قادرة على تنظيم العمل الشيعي وعلى التخطيط والتنفيذ وبما يناسب الحاجات والتحديات”.
قطع العلاقات
دعا مفتي موريتانيا الشيخ أحمد ولد لمرابط ولد حبيب الرحمن، إلى ضرورة اتخاذ قرار بقطع العلاقات التي تربط بين بلاده وإيران، محذرا من أن الإبقاء على هذه العلاقة الدبلوماسية قد تكون له عواقب وخيمة بفعل ما سماه المخططات التخريبية لإيران بموريتانيا ومحاولتها نشر المد الفارسي الشيعي في البلاد.
وقال ولد حبيب الرحمن، مخاطبا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، إن حجم المخططات الإيرانية لنشر التشيع في البلاد، بات يفرض تدخلا لوقف هذا المد وقطع كل أشكال العلاقات الدبلوماسية مع طهران، معتبرا أن قطع هذه العلاقة أصبح مطلبا شعبيا، مبررا خطر هذا المد بأنه يقوم على أمور عقدية مخالفة للمذهب السني لموريتانيا، خاصة سب الصحابة الكرام.
تحرك سريع
طالب النائب البرلماني السابق رئيس حزب التحالف الوطني الديمقراطي، يعقوب ولد أمين بمراجعة العلاقة القائمة بين نواكشوط وطهران، عقب “الحقائق” التي كشف عنها الإمام أحمد ولد لمرابط ولد حبيب الرحمن، الذي وصفه بـ”كبير علماء موريتانيا”.
وقال ولد أمين – في تصريح صحفي أمس – إن الشيخ ولد لمرابط ولد حبيب الرحمن، وضع أصبعه على مكان الجرح، وتحدث عن وقائع وحقائق تتطلب حراكا فعليا للتصدي لها قبل استفحالها.
المصدر:السكية

لنشر التشيعمخطط إيراني
Comments (0)
Add Comment