ترتبط الكوميديا في ذهن البعض سواء موريتانيين او غيرهم بالضحك,عبر متابعة ممثلين استعراضيين لا يسعون,في أغلب الأحيان,إلى تقديم رسالة معينة.ويسعى أغلب الكوميديين الجدد إلى تغيير هذه الصورة وتأسيس نمط يقوم على النقد الاجتماعي.
لم يتعود الموريتاني منذ أن تعرف على الكوميديا,سوى على نمط محدد من التمثيل,وهو أن يلجأ الفنان الكوميدي إلى أسلوب إضحاك الجمهور من خلال تأدية حركات بهلوانية واستعراضات. ولهذا ارتبط التمثيل بثقافة الضحك دون النظر إلى الهدف المنشود من العمل نفسه,وهو تغيير العقليات والمسلكيات.لهذا ظلت رسالة الفنان تقتصر على تحقيق ما ينتظره الجمهور.وبالتالي ظل هذا الأخير مجرد مؤد لأدوار تخضع لأهواء ورغبات معينة للجمهور.
و أدت سطوة المجتمع وتقاليده إلى تصنيف من يمارس الفن سواء أكان موسيقيا أو مغنيا أو ممثلا..في أسفل سلم الترتيب الاجتماعي بما يترتب على ذلك من دونية. لكن هذه النظرة لم تمنع الكوميدي الشاب لمرابط ولد الزين من اقتحام عالم الفن الكوميدي متمردا على التقاليد الاجتماعية,بالاعتماد على مواهبه الفنية في نحت أسلوبه الخاص في تقديم نموذج كوميدي جديد قلب الموازين السائدة,وهو ما يلخصه لـ DWعربية بقوله “لقد فكرت فى كسر القاعدة المعروفة لدى الموريتانيين, وحاولت أن أثبت أن الكوميدي لا ينبغي أن يستمر في لعب نفس الأدوار التي كانت سائدة في التسعينات. بل يمكنه أن يختلف كثيرا في طريقة الأداء وآليات مخاطبة الجمهور”.
ويسعى لمرابط إلى استغلال شغف الموريتانيين بالضحك على الآخر, وجعله وسيلة تستهدف المواطن نفسه بدل شخص الكوميدي,كما لو أنه يريد أن يعيد التسديدة إلى راميها.ويشرح ذلك ” نحن مجتمع يستهلك النكتة,وأي رسالة تمر عن طريقها تصل في أسرع وقت. لهذا قررت أن أكسر الصورة النمطية التي ترى في الكوميدي مجرد شخص يلبس زيا تنكريا ويستخدم ملامح وجهه وجسده في تعابير مختلفة,بل يمكنه تأدية دوره وهو في هيئة عادية تماما وفي لباس مألوف”.
ويبرر لمرابط وجهة نظره استنادا إلى فهمه الخاص لرسالة الفن عموما والفنان الكوميدي بصفة خاصة. فهو بالنسبة إليه شخص يجعلك تضحك بمرارة على واقع معين “فأنا كفنان أحمل رسالة لتغيير واقع سيئ أتقاسمه معك أيها المتلقي,ولذا أريدك أن تكون على وعي برغبتى في تغييرها من خلال التمثيل”. ويتحدث الفنان الكوميدي لمرابط عن تأثره بتجربة برنامج المصري باسم يوسف,الذي يعتبره أكبر الكوميديين حاليا.
ويقول في هذا السباق “أنا متأثر بتجربة باسم يوسف,وقد تابعت كل حلقات برنامجه منذ أن كانت تعرض على اليوتيوب فقط وحتى بعد أن تم عرضها على التلفزيون. أشعر بأنه ملهمى في عملى الفني الساخر”.
تجربة “خدمة العللاء” استطاعت أن تحظى باهتمام العديد من المتابعين, وخاصة الشباب بعيدا عن الوسائل السياسية التي يرى بعضهم أنها عاجزة عن مخاطبة كل العقليات بشكل مباشر.