داعش (صناعة أمريكية)

كيف يمكن تفسير قصف الجيش الأمريكي لبعض المواقع التي تسيطر عليها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام “داعش”؟
لكي نستطيع تحليل هذه المعلومة، يجب علينا أن نعرف حقيقة العلاقة بين الولايات المتحدة ومؤسسي “داعش”.
فالولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها في الخليج قاموا بتمويل وتجهيز المجموعات المسلحة التي شكلت “داعش”، وترجع هذه العلاقة إلى بداية محاولات الإطاحة ببشار الأسد في سوريا.
وفي وقت مبكر من عام 2007، أوضح الصحفي “سيمور هيرش” في صحيفة نيويورك تايمز كيف يقوم البنتاجون ووكالة الاستخبارات المركزية بمساعدة حلفاء بالعمل – بطريقة ميكافيلية – على تمويل المنظمات الجهادية ودعمها لصناعة “حمام دم” يبرر أي تدخل عسكري أمريكي في الوقت والكيفية التي تؤدي إلى إعادة رسم الحدود في هذه المنطقة الجغرافية.
الولايات المتحدة تسعى للظهور وكأنها صانعة السلام، بينما في الواقع هي من تخطط وتنظم عمليات الفوضى والعنف التي يدفع ثمنها الأبرياء من جميع الأديان والطوائف.
أمريكا ذات الوجهين
التخطيط الأمريكي القائم على إنشاء ودعم حركات مثل داعش ثم ضربها، له أهداف قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى تهدف في نهاية الأمر إلى تقسيم العراق إلى ثلاثة بلدان مستقلة.
فحقيقة ما يحدث في العراق ليس حربًا داخلية ولا صراعًا بين السنة والشيعة، كما تروج له الإدارة الأمريكية ووسائل الإعلام الغربية أو العربية على السواء، كما أن القاعدة والحركات المسلحة الأخرى التي تفرعت عنها قدمت لواشنطن خدمات استراتيجية كبيرة سواء في أفغانستان أو العراق وصولاً لتدمير البنى التحتية في سوريا.
ويوما بعد آخر تتكشف حقيقة أن عددا من تلك التنظيمات هي أحد أهم الأدوات التي تستخدمها واشنطن كقوات مشاة تعمل لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية في المنطقة دون إراقة دم جندي أمريكي واحد، وآخر خدمة قدمتها هي تخريب سوريا بالكامل تقريبًا والتغلغل في عمق الأراضي العراقية لتدمير ما تبقى من هذه البلاد التي أنهكتها الصراعات المسلحة التي قادها أصدقاء واشنطن وحلفاؤها، وذلك لتمهيد الأرضية للبيت الأبيض كي يطبق خطته السرية الموضوعة منذ أمد بعيد لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات مستقلة ضعيفة واحدة يحكمها أمير من أهل السنة (خليفة)، والأخرى جمهورية شيعية والثالثة كردية.
بكلمات أخرى يمكننا القول: إن واشنطن تلعب دورًا منافقًا له أكثر من وجه، وتدعم كل الأطراف بشكل غير مباشر لاستمرار القتال أطول مدة ممكنة وإبقاء أطراف النزاع مجهزين بأسلحة كافية لمواصلة القتال لأجل اتساع رقعة الحرب الداخلية، فهي التي دربت مقاتلي داعش وزودتهم بالمعدات الحربية المتطورة، كما دعمت مموليها سياسيًا وإعلاميًا الذين يعملون تحت مظلة الأمريكان بشكل مباشر.
التناقض في السياسة الأمريكية واضح ولا يمكن لأحد إنكاره حيث أسست القاعدة – بمساعدة السعودية – ودعمت رموزها لتتخذها جسرًا للوصول إلى مطامعها والدخول في أي بلد تحت حجة محاربة الإرهاب وتقسيم العراق وفي نفس الوقت لا تشكل خطرا على إسرائيل. إضافة إلى تسهيل مهمة الحصول على النفط العراقي من هذه التنظيمات التي تضطر لبيع ما يقع تحت يدها من النفط بأبخس الأثمان إلى عصابات تهريب البترول التي تكون هي ذاتها متعاونة مع شركات النفط الأمريكية.
المصدر : بيير آلان دبو – ميديا برس انفو

Comments (0)
Add Comment