تفاوتت حدة النبرة الدبلوماسية العربية والدولية في الإعراب عن الموقف من الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا الجمعة الماضي، بين دول تجاهلت الأمر تماماً، وأخرى أعربت بوضوح عن تضامنها مع رجب طيب أردوغان، في حين تميزت معظم ردود الأفعال بالنبرة الدبلوماسية الحذرة التي تطالب بالحفاظ على الديمقراطية في البلاد دون أن تبدي دعماً واضحاً لأردوغان.
في خبرها المنشور بعد ساعات من فشل الانقلاب، واستعادة السلطات التركية السيطرة على الأوضاع أكدت وكالة الأنباء التركية أن أنقرة “تحظى بحملة تضامن واسعة للتنديد بالمحاولة الانقلابية”.
لكن الملاحظ في تضامن معظم هذه الدول، تواضع نفس الإدانة، و”الخجل” أكثر من قوة رفض محاولة الانقلاب، أو التنديد بها.
وحتى منتصف نهار السبت، صدرت بيانات وبرقيات مختلفة النبرة والقوة، من ذلك دعوة الولايات المتحدة، بعد تردد طويل، على لسان الرئيس باراك أوباما لكل الأطراف “إلى دعم الحكومة المنتخبة ديمقراطياً”، أما وزير الخارجية جون كيري، فهاتف نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، ليؤكد له “أن بلاده تدعم بشكل مطلق المؤسسات المنتخبة ديمقراطياً في تركيا”.
ومن جهته تحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن المطالبة “بعودة السلطة المدنية، والنظام الدستوري سريعاً وسلمياً بما يتفق ومبادئ الديمقراطية”.
ولم يتأخر الحلف الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا عن الإعراب عن “تأييده” لأنقرة وذلك بالدعوة “إلى الاحترام التام للمؤسسات الديمقراطية في تركيا, ولدستور البلاد”.وبعد الإعلان عن فشل محاولة الانقلاب في تركيا، توالت ردود الفعل الأوروبية. رئيس البرلمان الأوروبي شولتس أبدى ارتياحه لعودة الهدوء إلى البلاد، فيما قالت برلين إنها تدعم الحكومة المنتخبة في أنقرة.أبدى مارتين شولتس رئيس البرلمان الأوروبي رد فعل إيجابيا حيال عودة الوضع إلى الهدوء في تركيا. وكتب شولتس اليوم السبت(16 تموز/يوليو)على موقع (تويتر) معلقا على فشل الانقلاب:” أنا أرحب بعودة سيادة القانون صباح اليوم”. وطالب شولتس بإنهاء سفك الدماء بالكامل وضمان الفصل بين السلطات وحريات الأفراد واختتم كلمته بالقول إن” الاستقرار في تركيا عامل حاسم بالنسبة للمنطقة برمتها”.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك – فالتر شتاينماير عن “انزعاجه الشديد” حيال محاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا مساء أمس الجمعة. وفي أول رد فعل رسمي، قال الوزير المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم:” أدين بأشد العبارات كل محاولات تغيير النظام الديمقراطي في تركيا بالقوة”.
ي الوقت نفسه، دعا شتاينماير “كل الأطراف” إلى احترام المؤسسات الديمقراطية والدستور، وأضاف ” يجب على كل المسؤولين التمسك بقواعد اللعبة الديمقراطية وسيادة القانون والعمل على منع إراقة المزيد من الدماء”.
وكانت الخارجية الألمانية دعت المواطنين الألمان الموجودين في تركيا إلى التزام “أقصى درجات الحذر”، وعقدت لجنة أزمة تابعة للحكومة الألمانية اجتماعا قبل ظهر اليوم لبحث تطورات الوضع، وأفادت دوائر قريبة من شتاينماير بأنه ظل ليلة أمس يتابع باستمرار مجريات الأحداث في تركيا.
على صعيد متصل، أعرب جيم أوزديمير زعيم حزب الخضر الألماني عن تأييده لتغيير النظام في تركيا بدون عنف. وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، قال السياسي الألماني التركي الأصل اليوم السبت: “من يريد التخلص من الحاكم المستبد أردوغان عليه أن يفعل ذلك باستخدام صناديق الانتخاب”.
وتابع أوزديمير:”لا يمكن القبول بانقلاب عسكري”، وأعرب عن أمله في”وقف محاولة الانقلاب بأسرع ما يمكن وبدون دماء”. وكان أوزديمير كتب على تويتر في وقت سابق: “لا للانقلاب العسكري، ولا للديكتاتورية المدنية، تركيا تحتاج الآن إلى الديمقراطية للجميع”.
في غضون ذلك، أدانت فرنسا اليوم السبت محاولة الانقلاب في تركيا وعبرت عن أملها في أن تصمد الديمقراطية في البلاد أمام هذا الاختبار. وقال وزير الخارجية جان مارك إيرلت في بيان “أظهر الشعب التركي نضجا وشجاعة كبيرين بدفاعه عن مؤسساته”.
وفي اليابان طالب رئيس الوزراء شينزو آببي “باحترام النظام الديمقراطي في تركيا، وبعودة الوضع إلى طبيعته بسرعة”.
عرض اللجوء على أدروغان
وفي روسيا التي تصالحت قبل أيام قليلة مع تركيا أعرب الكرملين بعد إعلان خبر الانقلاب عن “قلق بالغ” من الأحداث في تركيا، و”وجه المسؤولين إلى مُساعدة المواطنين الروس في تركيا على العودة في أقرب فرصة” وأضاف الكرملين، الذي تحدث عن تركيا بالتزامن مع استمار المحاولة الانقلابية، أنه “يُمكن مناقشة منح الرئيس التركي اللجوء السياسي في روسيا إذا طلب ذلك”.
وعلى غرار الدول السابقة والمنظمات سابقة الذكر قال الاتحاد الأوروبي إنه يدعم “بالكامل الحكومة المنتخبة ديمقراطياً ومؤسسات البلاد، ودولة القانون في تركيا” وفي السياق نفسه دعت ألمانيا على لسان متحدث رسمي باسم المستشارة أنجيلا ميركل إلى “احترام النظام الديمقراطي في تركيا” وفي لندن قال وزير الخارجية بوريس جونسون إن بلاده “قلقة من الأحداث في تركيا”، أما باريس فدعت “إلى احترام النظام الديمقراطي، وتجنب العنف”.
خليجياً وعربياً
وخليجياً، برزت حتى الساعة مواقف السعودية والكويت وقطر السودان والمغرب والصومال وجيبوتي، التي اتفق معظمها على إدانة الانقلاب والترحيب بانتهائه، وإن بنبرات وصيغ دبلوماسية متفاوتة.
ففي حين رحبت السعودية والكويت بعودة الأمور إلى نصابها في تركيا، بدت قطر أكثر حماسة نظراً للعلاقات الخاصة التي تربط قيادتي البلدين، حيث هاتف الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر اتصالاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهنأه خلاله “على التفاف الشعب التركي الشقيق حول قيادته ضد محاولة الانقلاب العسكري الفاشل”، بحسب وكالة الأنباء القطرية.
أما في المغرب، فقالت وزارة الخارجية إن “المملكة ترفض المحاولة الانقلابية في تركيا، وتدعو إلى الحفاظ على النظام الدستوري فيها”، وفي السودان أدان الرئيس عمر البشير الانقلاب صراحةً و”عبر عن دعم بلاده للرئيس أردوغان”.
وفي العراق دعت الحكومة على لسان وزير خارجيتها إبراهيم الجعفري “إلى ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة” أما رئيس البرلمان سليم الجبوري فأدان من جهته “الاعتداء على مجلس الشعب التركي”.
وفي الصومال قالت وكالة الأنباء التركية إن “حشوداً ضخمةً خرجت إلى الشوارع للتعبير عن فرحتها بفشل الإنقلاب، واستنكر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بأشد العبارات الانقلاب الفاشل من قبل مجموعة خائنة، ضد الحكومة المنتخبة والديمقراطية، وقال في بيان رئاسي صدر من مكتبه اليوم إن الصومال حكومةً وشعباً تقف إلى جانب الحكومة الديمقراطية، وتندد بأشد العبارات بالانقلاب الفاشل”، حسب الوكالة.
إلى جانب البيانات الحكومية الرسمية، بادرت بعض الأحزاب العربية مثل حركة حماس في قطاع غزة، وبعض الأحزاب التونسية مثل حزب النهضة بقيادة راشد الغنوشي، وحزب حراك تونس الإرادة برئاسة المنصف المرزوقي وحزب التيار الديمقراطي، إلى إصدار بيانات شديدة اللهجة ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة، داعية “القوى الديمقراطية في تونس والعالم العربي إلى التحذير من هذا المسلك الانقلابي الخطير،معربةً عن تضامنها الكامل مع الشعب التركي ورئيسه أردوغان”.