تسابق السلطات الموريتانية الزمن للتخلص من الألغام التي ورثتها عن حرب الصحراء التي نشبت قبل عقود بين موريتانيا وجبهة “بوليساريو”، التي حاربت المغرب وموريتانيا من أجل إقامة دولة في الصحراء الغربية.
وتأمل موريتانيا التخلص من هذا الإرث الثقيل الذي يهدد حياة السكان ويوقف التوسع والتنمية في مناطق الشمال الغنية بثروات مناجمها. بحسب الخطة التي وضعها البرنامج الوطني لنزع الألغام الإنساني من أجل التنمية، فإن البلاد سوف تكون خالية من الألغام المضادة للأفراد خلال عام 2016. لكن الواقع يشير إلى صعوبة بلوغ هذه النتيجة في العام الجاري. بالرغم من أن موريتانيا بدأت عمليات إزالة الألغام في عام 1979، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة بعد. في عام 2007، أنشأت البرنامج الوطني لنزع الألغام الإنساني من أجل التنمية التابع لوزارة الداخلية، بهدف القضاء على هذا الخطر الذي يهدّد السكان، والذي يعدّ عائقاً تنموياً في المناطق المتضررة.
تجدر الإشارة إلى أن الألغام ما زالت منتشرة على مساحة 310 آلاف كيلومتر مربع من إجمالي مساحة موريتانيا، التي تزيد عن مليون كيلومتر مربع. ويقدّر الخبراء عدد تلك الألغام بمليون لغم تنتشر في مناطق الشمال، خصوصاً على الحدود بين موريتانيا وكل من المغرب والجزائر ومالي.
يقول الخبير في مجال الألغام، يحيى ولد محمد لمين، لـ”العربي الجديد” إن “بعض المناطق في الشمال ما زالت تشكّل خطراً كبيراً على المتجوّلين، ومن بينها مناطق يحظر دخولها بسبب كثافة الألغام التي زرعت خلال نزاع الصحراء الغربية”.
ويشير إلى أن “الألغام تهدّد حياة نحو 12 في المائة من الموريتانيين الذين يعيشون على مساحة 310 آلاف كيلومتر مربع”. يضيف أن “الألغام تحتل المناطق الشمالية وتمنع إعمارها وتنميتها واستخراج خيراتها الطبيعية، كما تتسبب في سقوط عدد من الضحايا سنوياً، أكثرهم رعاة إبل ومهرّبون”.
وعن صعوبة العمل في ميدان نزع الألغام في موريتانيا، يقول ولد محمد لمين إن عدم وجود خرائط لحقول الألغام والانزلاق الدائم للرمال، يجعل عمليات نزع الألغام صعبة للغاية، خصوصاً مع تواضع الإمكانيات في المناطق وامتدادها وتضاريسها الصعبة. ويرى أن “أفضل طريقة لنزعها هي الطريقة اليدوية، بالرغم من أنها تستلزم وقتاً أطول وتشكّل خطورة على الأفراد”.
وتتسبب الألغام في مآسٍ إنسانية عديدة، إذ يفقد بسببها كثيرون حياتهم، فيما يعيش آخرون مع عجز دائم بعدما فقدوا أحد أطرافهم في رحلة سياحية بالصحراء مثلاً أو هرباً من مراقبة الجمارك. ويعدّ رعاة الإبل والبدو الرحّل أكثر ضحايا الألغام، مع الإشارة إلى أن بعضهم يلقى حتفه من دون أن يدرج على قائمة الضحايا.
وكانت موريتانيا قد احتلت، في العام 2014، المرتبة الثانية في التصنيف العالمي في الجودة والفعالية والشفافية في مجال إزالة الألغام، وذلك حسب تقرير صادر عن الهيئة العالمية للمنظمات الدولية وغير الحكومية لمكافحة الألغام. إلى ذلك، يهتم برنامج نزع الألغام بمؤازرة الضحايا ومساعدتهم على الاندماج في الحياة النشطة، إذ يموّل مشاريع صغيرة لصالح ضحايا الألغام. كذلك يقيم بنية تحتية ذات طابع اقتصادي واجتماعي كالمدارس والمستوصفات والآبار.
الخبرـ عيون الخليج