إجبار غزة على الاستيراد من إسرائيل

أعلنت السلطات الإسرائيلية أمس إغلاق معبريْن بين إسرائيل وغزة لـ «دواع أمنية» و»حتى إشعار آخر»، أحدهما معبر «بيت حانون» (إيريز) المخصص لمرور الأفراد شمال القطاع، والثاني «كرم أبو سالم»، وهو المعبر التجاري الوحيد جنوب القطاع، رداً على إطلاق صاروخ من القطاع الجمعة.
وفيما اعتبر القيادي في حركة «حماس» موسى أبو مرزوق أن إغلاق المعبريْن «تصرف غير مسؤول» و»يخالف ما تم التوصل إليه عند وقف إطلاق النار» الذي أبرم في 26 آب (أغسطس) ووضع حداً لحرب استمرت 50 يوماً، قلّل مراقبون من شأن الإغلاق الإسرائيلي، خصوصاً في معبر كرم أبو سالم، على اعتبار أن معظم الصادرات الإسرائيلية إلى القطاع تمر عبره.
وكانت المفاجأة أن هذه الشاحنات تحمل كل أنواع المواد الغذائية المصنّعة والمعلبة والخضار والفواكه على أنواعها والمشروبات الغازية والأعلاف، لكنها كانت تخلو من المواد التي تحظى بالطلب الأكبر والأكثر إلحاحاً في القطاع هذه الأيام، وهي مواد البناء من إسمنت وحديد وغيرهما، والتي بات وجودها في غزة مسألة حياة بعد أن دمّرت الحرب الأخيرة 20 ألف منزل ومبنى تدميراً كلياً، وألحقت أضراراً بحوالى 40 ألف منزل ومبنى.
وكان من بين ما حملته تلك الشاحنات عشرات الخيول التي ما زال أهالي القطاع يستخدمونها في جرّ العربات وفي الأعمال الزراعية، والتي اصطفت بألوانها وعنفوانها خلف قضبان أشبه بقضبان السجن الذي يحيط بهذا القطاع الصغير المحاصر من جهاته الأربع براً وبحراً، ومن فوقه الجهة الخامسة، جهة السماء.
وكانت إسرائيل دمرت خلال الحرب الأخيرة كل المنشآت الحكومية، وتعمّدت تدمير الكثير من المنشآت الاقتصادية الحيوية، لكنها أبقت هذا المعبر سالماً، وحافظت على تدفّق السلع عبره إلى القطاع، حتى أثناء الحرب، في خطوة يعزوها أهل غزة إلى المصلحة الاقتصادية الإسرائيلية في إبقاء هذه المنطقة المكتظة بالسكان، سوقاً استهلاكية محتكرة لمنتجاتها.
وظل قطاع غزة يعتمد بصورة كبيرة على الواردات القادمة من مصر عبر الأنفاق خلال سنوات الحصار، خصوصاً مواد البناء المحظورة، لكنه بات يعتمد بصورة كاملة على الواردات القادمة من إسرائيل، وقليل منها من الضفة الغربية، وذلك منذ إغلاق الأنفاق عقب التغيير الذي شهدته مصر أواسط العام الماضي بعد إطاحة الرئيس «الإخواني» محمد مرسي.
وقال مدير معبر كرم أبو سالم المعيّن من حكومة «حماس» المستقيلة منير الغلبان لـ «الحياة» إن «غزة تعتمد في معيشتها على السلع القادمة من إسرائيل بسبب الحصار الذي يحرمها من الاستيراد والتصدير الحر».
وعن أغرب أنواع السلع التي تأتي من إسرائيل عبر هذا المعبر التجاري الوحيد في غزة، قال الغلبان بعد لحظات من التفكير: «الحمام المنزلي وعصافير الزينة. قبل فترة وجيزة وصلت شاحنة محمّلة بالحمام، وشاحنة صغيرة محمّلة بعصافير الزينة الصغيرة الملوّنة».
وتحظّر إسرائيل دخول مواد البناء إلى قطاع غزة منذ فرض الحصار عليه أواسط عام 2007 خشية استخدامها في صناعة السلاح وفي إقامة الأنفاق. لكنها وافقت على دخول هذه المواد بعد الحرب الأخيرة لإعادة بناء آلاف المنازل التي دمّرتها، وذلك بعد تدخل الأمم المتحدة التي اقترحت من أجل ذلك نظاماً صارماً لمراقبة استخداماتها.
وسمحت إسرائيل قبل أسبوعين بدخول 12 شاحنة محمّلة بمواد البناء لاختبار نظام الرقابة. وقال نشأت عارف، أحد العاملين في شركة «الشمالي»، وهي إحدى شركتين لبيع مواد البناء وقع عليهما الاختيار لاختبار النظام، إن مفتشي الأمم المتحدة يقومون بزيارات مفاجئة لمخازن الشركة في حي الشجاعية لفحص ما تسجله كاميرات المراقبة. وأضاف أن الكاميرات متصلة مع بطاريات كهربائية متجدّدة الشحن لضمان عملها أثناء ساعات انقطاع التيار الكهربائي في القطاع.

إجبار غزة
Comments (0)
Add Comment