وكالة أنباء موريتانية مستقلة

مستقبل الطاقة الكهرومائية في أفريقيا

يسود أفريقيا فقر شديد للطاقة، ففي قارة يقطنها ما يربو على المليار شخص في 54 بلدًا، لا تصل الكهرباء إلى أكثر من نصفهم.
ويضفي النمو السكاني السريع عبئًا إضافيًّا على خدمات الطاقة، إذ يقول البعض إن عدد سكان القارة سيتجاوز أربعة مليارات بحلول نهاية القرن.
يضاف إلى ذلك أن الحصول على الكهرباء محدود، وغير منتظم على حد سواء. فالمراكز الاقتصادية، مثل مصر، لديها تغطية شبه كاملة من الكهرباء،لكنها لا تزال شحيحة في بلدان مثل تشاد، وليبيريا، فضلاً عن جنوب السودان، حيث لا يحصل سوى 1.5٪ من الناس على هذه الطاقة. وبالمثل تبدو الصورة قاتمة إذا خطوت خارج مدن القارة، حيث لا يتجاوز معدل توصيل الكهرباء إلى قرى الريف 27.8٪.
وفي مواجهة فقر الطاقة المستشري، تُقبل الحكومات الأفريقية بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة؛ بهدف تحفيز التنمية وتحسين حياة الناس وسبل العيش. وحجر الزاوية في هذا التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة هو الطاقة الكهرومائية.
ففي المناقشات العالمية الدائرة حول الطاقة المتجددة، والسعي إلى إيجاد بدائل للوقود الأحفوري أنظف وأكثر اخضرارًا، عادة ما تتصدر طاقة الهوائية والطاقة الشمسية عناوين الصحف.
لكن البيانات تُظهر صورة مختلفة، حيث تنتج الطاقة الكهرومائية أكثر من ثلاثة أرباع الطاقة المتجددة المنتجة في العالم كل عام. فضلاً عن أن انبعاثات الكربون –على مدى دورة الحياة الكاملة لبناء المحطات، وتشغيلها، ووقف التشغيل– غالبًا ما تكون أقل بكثير من المصادر المتجددة الأخرى كافة، ويتضمن ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وفي أنحاء أفريقيا، تصل الطاقة الكهرومائية 84٪ من استخدامات الطاقة من الوقود غير الأحفوري. لكن في قارة غنية بالبحيرات والأنهار، تكون فرص التوسع في استغلال الطاقة الكهرومائية هائلة.
ويعد نهر النيل أطول أنهار العالم،مما يجعله واحدًا من أكبر المصادر المحتملة لإنتاج الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.
فمن منبعه في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية حتى الدلتا في مصر، يقطع النيل ما يقرب من 7000 كيلو متر عبر موائل تشمل جبالاً، وغابات استوائية، وصحاري، وسافانا، وأراضيَ رطبة، كثير منها غني في تنوعه الحيوي. ويغطي حوض تصريفه نحو عُشر مساحة أفريقيا، وتتشارك فيه عشر دول.
ومنذ آلاف السنين، اعتمد الذين يعيشون بجوار النهر عليه. وتطورت الزراعة وفقًا لأنماط هطول الأمطار، وبنى الناس سدودًا صغيرة؛ لتسخير مياه النهر في ري المحاصيل. وفي الآونة الأخيرة، شرعت الحكومات في استخدام النهر لإنتاج الكهرباء.
وعلى الرغم من طوله، يحمل النيل كمية قليلة نسبيًّا من الماء؛ لأنه غالبًا ما يتدفق عبر مناطق قاحلة حيث تندر الأمطار أو المياه التي تتسرب إلى باطن الأرض. كما أن التنوع الحيوي للنهر عرضة لتغير المناخ؛ فارتفاع درجات الحرارة يغير الدورات الموسمية للنيل، مما يزيد من احتمالات الجفاف، فضلاً عن زيادة البخر من البحيرات.
وعند التخطيط لبناء سد بغرض توليد الطاقة الكهرومائية على نهر كبير مثل نهر النيل ينبغي مراعاة هذه العوامل البيئية، رغم ما قد يؤدي إليه ذلك من إعاقة للعمل أو زيادة في التكاليف الأولية. ويجب على الباحثين دراسة كيفية تكامل دورة المياه في المنطقة مع التنوع الحيوي ومعيشة السكان المحليين، وتضمين نتائجهم في التصميم المقترح.
ومن شأن التقييمات البيئية التي تلتزم المعايير الدولية المساعدة في تخفيف حدة بعض المنازعات المرتبطة بمشاريع السدود، مثل تلك المتعلقة بإدخال تعديلات على تدفق المياه. وقد أُجرِيت تقييمات لسد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، الذي يمثل محطة طاقة كهرومائية ضخمة يجري بناؤها على النيل الأزرق، أحد رافدي النهر الرئيسين. لكن ثمة ناقدين يقولون إن التقييمات تفتقر إلى التفاصيل، وتعجز عن تلبية المعايير الدولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: هذا المحتوى محمي