تعتبر مدينة أكجوجت مدينة منجمية بامتياز، تعاقب علي استغلال ثرواتها المعدنية، منذ القرن الماضي، عدة شركات معدنية، كان لها، على اﻷقل، تأثيرا معتبرا ومردودية اجتماعية ملحوظة، من خلال المنشآت والمساكن والطرق والمرافق العمومية التي تركتها ورائها للساكنة، لكن شركة MCM ، ورغم التسهيلات الخيالية الممنوحة لها و اﻷرباح الضخمة التي تجنيها، شكلت استثناء صارخا لهذه القاعدة …
وللتذكير فقط، فان الشركة لم تمول، منذ انطلاق إنتاجها قبل 5 سنين، أي مشروع اجتماعي يذكر، مكتفية فقط بـ”الترميم” لبعض المنشآت والمرافق الموجودة أصلا، مثل الترميم البطيء لحي “لوجمهات”، الذي بدأ منذ عام ونيف تقريبا، ولم ينته بعد! أو ترميمها للمستشفي الجهوي الذي ورثته أيضا عن: شركة المعادن الموريتانية SOMIMA، والذي لا تصدق عليه كلمة مستشفي لعدم إمكانية إجراء عملية جراحية فيه حتى اﻵن، رغم اكتمال تجهيزاته، واكتفائه بالخدمات التي يوفرها أي مركز صحي بسيط.
كما أن مشروع تزويد المدينة بالماء الشروب من بلدية “بنشاب” (130كلم)، يعتبر ضرورة لا غنى عنها للشركة، لأنها أولا: جلبت الماء للمنجم الذي تستغله والذي تستعمل منه يوميا 9000 م3 (تسعة آلاف متر مكعب) في استنزاف خيالي للمياه الجوفية، في منطقة، تعتبر المياه الصالحة للشرب عملة نادرة!، تماما على غرار مشروع ترميم الطريق الرابط بين أكجوجت وانواكشوط، والذي تستخدمه، على مدار الساعة، شاحنات الشركة التي تؤدي بحمولتها الثقيلة إلى إفساده، وهو أيضا مشروع كان موجودا قبلها.
كما لا يلاحظ أي تدخل اجتماعي من طرف الشركة في المجال الثقافي، للتخفيف من آثار التسرب المدرسي، وانخفاض المستويات التعليمية في المدينة، بسبب هجرة الشباب لمقاعد الدراسة إلى العمل في هذه الشركة كعمال يدويين! هذا التأثير، الذي يعتبره البعض أخطر تأثير، غير مباشر للشركة، والذي يهدد بتخريج أجيال جاهلة تنقصها الثقافة والوعي وترتبط بالشركة ارتباطا عضويا، و تدور في فلكها أنى ما دارات.
أخيرا، فإن نظرة عابرة على ما يسمى بـ “أحياء الترحيل”، أو على الأصح أحزمة الفقر المحيطة بمدينة أكجوجت، والتي تشكل حالة إنسانية محزنة، حيث لم يتم أي تأهيل للمنطقة التي رحلت إليها ساكنة هذه اﻷحياء، فأصبحوا مرميين، بلا ماء، ولا كهرباء، يفترشون العراء، ويلتحفون السماء، في مشهد يدل علي اختلال واضح في توزيع الثروات و غياب التدخل الاجتماعي للشركة علي مستوي هذه اﻷحياء ،في ظاهرة تشكل دون شك أحدي مخلفات تأثير النشاط المعدني بالمدينة ربما لم تأخذ في الاعتبار في مختلف الدراسات المتعلقة بالتأثير الاجتماعي للنشاط المعدني في مدينة لم تشهد هذه ظاهرة من قبل .
السابق بوست
القادم بوست
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك