يفتتح مساء غد الخميس عبد الرحمن سيساغو الدورة الـ 8 (12 ـ 21 آذار/مارس 2015) لـ «أيام بيروت السينمائية» في صالة «سينما سيتي أسواق بيروت».يُصرّ سيساغو عبر مسيرته على إظهار «الجَمال البصريّ»، مستعيناً بجملة من كتاب «الأبله» لدوستيوفسكي: «الجمال يُنقذ العالم». يقول: «يُعتبر الجمال، غالباً، أمراً سطحياً، شيئاً يُشبه الديكور الخارجي. الجمال هو المسافة الضرورية عندما نتذكر العنف. لكن، ليست لديّ نيّة مباركة هذا العنف» (الصحيفة الفرنسية «لو فيغارو»، 9 كانون الأول 2014). ويُضيف أنه يجب منح جانب إنساني لمن يمارس أعمالاً مرعبة:«هذا لا يعني أني لستُ واقعياً. عندما يختطف الجهاديون رهينة، يعطونها نظّارتها ويعيدون لها أدويتها يجعلونها تشعر براحة،ويُقدّمون لها الشاي. لكنهم، وربما بعد 10 دقائق، يجزّون عنقها».
لكن، هل يريد التذكير بأن إرهاب الجهاديين يُمارس أولاً ضد مسلمين؟ يؤكّد هذا تماماً، معترفاً أنه يُصوّر الرهينة في «تمبوكتو» لأنه «هو أيضاً أخي، ولأن معاناته وألمه يجب ألاّ يمرّا بصمت». يريد أن يقول أيضاً إن الإسلام نفسه مأخوذٌ كرهينة بعد «اعتداءات 11 أيلول 2001». في الفيلم،يُعلن إمام المسجد أن ما يحدث من إرهاب باسم الإسلام «ليس إيماني». يقول سيساغو:أولئك الذين يُضربون بالإرهاب، يجب أن يواجهوه بصوت عالٍ عندما نسكت، نبدو كأننا نمنح ضمانة لما يحصل، في حين أن هذا غير صحيح أعرف هذا.أعيش يومياً جرح مسلمين كثيرين أُصيبوا به إثر مقتل إيرفي غورديل (دليلٌ فرنسيّ للجبال، يُعتبر الغربيّ الرابع الذي يُقتل بقطع رأسه، بعد اختطافه من قِبل «جنود الخليفة»، وهي جماعة جهادية جزائرية تابعة لـ «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي»، في 23 أيلول 2014).
في تعريف نقديّ بعبدالرحمن سيساغو، يتردّد قولٌ مفاده أن الـ «ثيمة» الأساسية في أفلامه كامنةٌ في المنفى والتهجير. توصف أفلامه هذه بأنها «ترسم أفريقيا، مع سمات مستلّة من سيرته الشخصية». شيءٌ من الذاتي والعام، لرواية فصول من الحياة الأفريقية التي تعمل في أعماق روحه ووعيه وتفاصيل عيشه. صحيحٌ أن فيلمه الروائي الأول، وهو قصير بعنوان «تشرين الأول» (1993)، تدور أحداثه في موسكو، لكنه مُشبعٌ برائحة أفريقيا،وأحاسيسها الإنسانية الصرفة: تنتظر «إيرا» مولوداً. هي قلقة وشكّاكة، تسير على قدميها في شوارع موسكو. حبيبها إدريس، طالبٌ أفريقيّ، سيُغادر روسيا. يلتقيها في منزلها من أجل موعد أخير. لكنه موعد مفتوح على احتمالات عديدة، إلى درجة يبدو كأنه لن ينتهي.
قبل «تشرين الأول» هذا، يدرس سيساغو السينما في معهد «فجيك» معهد السينما لعموم الاتحاد السوفياتي بين العامين 1983 و1989،وهو المولود في «كيفه» بموريتانيا، في 13 تشرين الأول 1961. بعد ولادته بقليل، تنتقلت عائلته إلى «مالي»، حيث تابع دروسه الابتدائية والثانوية. في العام 1980،بعدها يُقيم فترة في موريتانيا، قبل انتقاله إلى الاتحاد السوفياتي السابق.مطلع تسعينيات القرن الماضي،بعدها تبدأ إقامته في فرنسا.ويعتبر أول فيلم طويل له بعنوان «الحياة على الأرض» (60 د.، 1998): في مدينة «سوكولو» في قلب صحراء «مالي»،التي يسهر سكّانها لحظة بداية الألفية الجديدة. بهذه المناسبة، يعود درامان (الاسم الأصلي لسيساغو) إلى قريته هذه للقاء والده. أثناء رحلته، يلتقي فتاة صغيرة على دراجة هوائية مرات عديدة.وذلك تصوير لحياة قرية في لحظة تاريخية.محاولة سينمائية لتبيان معالم أناس وبيئات مختلفة. يأتي فيلمه هذا بعد اختبارات بصرية في مجالي الفيلم القصير والفيديو. «بانتظار السعادة» (90 د.، 2002) نشيدٌ للحياة والفرح، وسط بيئة جغرافية موريتانية يُقيم فيها أناس يعيشون يومياتهم «في الانتظار».نشيدٌ سينمائي شفّاف ومليء بكَمّ من الأحاسيس، واللقطات البصرية.«باماكو» (115 د.، 2006): شهادة صادمة عن سطوة أخطر مؤسّستين ماليتين دوليتين، «البنك الدولي» و «بنك النقد الدولي»، من خلال قصة زوجين يعيشان حالة من الصمت والانهيار والخراب، على الرغم من وجود ابنة لهما.
السابق بوست
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك