يواجه الإعلام المصري اختباراً صعباً مع كل هجوم إرهابي، إذ تصبح على تنوعها بين فضائيات وصحف أمام خيارين، كلاهما مُر، فإما أن تنقاد إلى المتاح من معلومات غير رسمية بما تحمله من احتمال مغالطات وانطباعات، فتصبح عرضة لانتقادات رسمية، أو تتحفظ عن الخوض في التفاصيل لحين صدور البيانات الرسمية، فتتهم من قبل الرأي العام بممارسة «التعتيم» أو أنها ليست على قدر الحدث.
تجددت الإشكالية حديثاً عقب اشتباكات الواحات البحرية في الصحراء الغربية يوم الجمعة الماضي، حيث خُصص جانب كبير منه إلى التعاطي الإعلامي مع الهجوم، وأطلق مناشدات بـ «تحري الدقة في المعلومات الأمنية قبل نشرها والاعتماد على المصادر الرسمية، وفقاً للمعايير المتبعة في هذا الشأن»، مع إشارات إلى «أن تداول معلومات غير دقيقة حول الاشتباكات قد يؤثر سلباً في سير عمليات المواجهة والروح المعنوية للقوات».
ويبدو أن إشكالية التعامل الإعلامي مع أحداث «الحرب على الإرهاب» في طريقها إلى الحل، مع انتهاء لجنة مُشكلة من المجلس الأعلى للإعلام (الجهة الرسمية المشرفة على الإعلام في مصر) من صياغة مشروع قانون «حرية تداول المعلومات» تمهيداً لعرضه على البرلمان المصري. وينظم مشروع القانون في جزء منه عملية تداول المعلومات المتعلقة بالحرب على الإرهاب.
وقالت رئيسة اللجنة هدى زكريا لـ «الحياة» إن القانون ينظم عملية تداول المعلومات بحرية تامة، إلا في ما خص الأمور المتعلقة بـ «الأمن القومي»، موضحة أنه لا يجوز لوسائل الإعلام وفق القانون مطالبة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بالكشف عن «تفاصيل العمليات التي تقوم بها ضد الجماعات الإرهابية، أو الهجمات التي تتعرض لها، أو الإدلاء بتفاصيل تتعلق بميزانيتها وأعدادها بما يتناقض مع طبيعة عمل تلك الأجهزة».
وأضافت زكريا: «بصدور القانون يفترض أن يعي المجتمع وفي مقدمه ممارسو العمل الإعلامي ما يحق لهم المطالبة بمعرفته وما يجب الصمت إزاءه انتظاراً للمعلومات الرسمية الموثقة، وكذلك تجنب ممارسة ضغوط على تلك الجهات للإفصاح عن معلومات قد تضر بعملها». ولفتت إلى أن الحظر مأخوذ به في قوانين تداول المعلومات في 80 دولة حول العالم، صاغت قوانين خاصة بتداول المعلومات.
وانتقدت زكريا التغطية الإعلامية لهجوم الواحات، ووصفتها بأنها «غير ناضجة»، وسألت: «كيف أطالب جهازاً أمنياً بالكشف عن تفاصيل عملية ما زالت قائمة على الأرض، ما يخدم المتورطين فيها ويضر بالجهاز الأمني؟». وانتقدت «تداول شائعات تؤثر بالسلب في عزيمة المجتمع وتصيبه بالإحباط بما يخدم مخططات الجماعات الإرهابية»، لكنها أشارت أيضاً إلى ضرورة مراعاة الأجهزة الأمنية لطبيعة العمل الإعلامي وسعيه نحو الحصول على أكبر قدر من المعلومات.
وبخلاف قضايا الأمن القومي، عمل مشروع القانون على إتاحة كل المعلومات التي يحق للمواطن الحصول عليها، وفق رئيس لجنة إعداد القانون، مع معاقبة من يتعمد حجب معلومات أو وثائق بغرض الإضرار بمصلحة طالبها بالغرامة أو الحبس وفق الضرر الذي لحق بالشخص. وأشارت زكريا إلى أن تطبيق القانون يستلزم «رقمنة العمل الحكومي في مصر»، بما يتيح للموظف العام أداء مهامه، وفي الوقت ذاته مساعدة المواطنين في الحصول على المعلومات التي يطلبونها من دون عراقيل باعتباره حقاً دستورياً.
وينص الدستور المصري على أن «المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن».
السابق بوست
القادم بوست
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك